تشهد المملكة العربية السعودية تحولًا جذريًا في موقعها على خريطة الاستثمار العالمي، حيث لم تعد مجرد مصدر لرؤوس الأموال كما في السابق، بل أصبحت اليوم وجهة رئيسية وجاذبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة، وفق ما أكده هاني باعثمان، رئيس مجلس إدارة شركة تالد العربية للاستشارات. هذا التحول يأتي في وقت تتزايد فيه الثقة الدولية بالاقتصاد السعودي، مع تصاعد الإنفاق الحكومي وتوسع القطاع الخاص، مما يعكس نجاح رؤية المملكة في تنويع الاقتصاد وتحقيق التنمية المستدامة.
تصاعد الاهتمام العالمي بالاقتصاد السعودي
أوضح باعثمان أن المشاركة الواسعة للقيادات المالية العالمية في فعاليات مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض تؤكد أن النظرة العالمية تجاه المملكة تغيرت تمامًا. وأضاف أن السعودية تشهد نموًا سنويًا في الاستثمارات الأجنبية تجاوز 20% خلال العام الماضي، ما يعكس تحسن بيئة الأعمال والفرص الكبيرة التي تقدمها الدولة في مختلف القطاعات. ولفت إلى أن قطاع الائتمان الخاص (Private Credit) أصبح من المجالات الواعدة في المملكة، إذ بدأ في جذب اهتمام المستثمرين المحليين والدوليين، رغم أنه لا يزال حديث العهد مقارنة بالأسواق المتقدمة. ويرى باعثمان أن هذا القطاع سيشكل أداة فعالة لدعم الشركات الكبرى والمشروعات الناشئة، في ظل تنامي الطلب على حلول تمويل بديلة عن النظام المصرفي التقليدي.
إقرأ ايضاً:
أهمية الجيولوجيا والتعدين في تعزيز الاقتصاد السعودي وتنويع مصادر الدخلالسعودية تطلق بنية تحتية هجينة للذكاء الاصطناعي بشراكة بين هيوماين وكوالكومالقطاع العقاري يفتح آفاقًا جديدة للتدفقات الاستثمارية
أكد باعثمان أن السوق العقاري السعودي يشهد مرحلة جديدة من الانفتاح والفرص، خاصة بعد السماح بتملك الأجانب للعقارات في مناطق محددة مثل مكة المكرمة والمدينة المنورة. وتوقع أن يؤدي هذا القرار إلى تحفيز الصناديق الاستثمارية العالمية، خصوصًا من آسيا والدول الإسلامية، على دخول السوق السعودي بقوة، مستفيدة من الأسعار التنافسية والطلب المتزايد على المشاريع السكنية والسياحية. وأشار إلى أن إطلاق مشروع “بوابة الملك سلمان” في مكة سيكون أحد أبرز المؤشرات على هذا التحول، متوقعًا نشاطًا كبيرًا في السوق العقاري مع بدء تطبيق اللوائح الجديدة في مطلع عام 2026.
البنية التحتية والاستثمارات طويلة الأمد
تناول باعثمان في حديثه أهمية قطاع البنية التحتية كأحد أهم المحركات المستقبلية للاستثمار الأجنبي في المملكة، مشيرًا إلى أن الطلب على المشاريع الكبرى مثل مشروع “الجافورة” يعكس الثقة العالية لدى المستثمرين الدوليين، بعد أن تجاوزت قيمة الاكتتابات على المشروع خمسة أضعاف المطلوب. وأكد أن المشاريع الضخمة في الطاقة والنقل والبنية التحتية تشكل فرصًا مغرية للمستثمرين الباحثين عن عوائد ثابتة ومستقرة، خصوصًا في ظل التحول نحو الاقتصاد المستدام. وأوضح أن البيئة التنظيمية الحديثة في المملكة، بدعم من **منصة وزارة الاستثمار السعودية (https://investsaudi.sa/)**، ساهمت في تسهيل الإجراءات وتسريع تدفق رؤوس الأموال الأجنبية.
يمثل هذا الزخم الاستثماري تأكيدًا على أن السعودية تسير بثبات نحو تعزيز مكانتها كوجهة اقتصادية عالمية، قادرة على جذب الاستثمارات النوعية التي تسهم في تنويع الاقتصاد وتحقيق أهداف رؤية 2030 الطموحة.