يشكل تدشين دستور الأدوية السعودي محطة محورية في مسيرة تطوير قطاع الدواء بالمملكة، حيث يعكس التوجه الاستراتيجي نحو تعزيز الريادة الوطنية في مجال الصناعات الدوائية وتنظيم الأسواق وفق أعلى المعايير العالمية. تأتي هذه الخطوة ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030 التي تسعى إلى توطين الصناعات الحيوية وتوسيع قاعدة الابتكار والبحث العلمي في مجالات الدواء والرعاية الصحية.
أهمية دستور الأدوية السعودي في دعم الصناعة الوطنية
يُعد دستور الأدوية السعودي مرجعًا وطنيًا معتمدًا لتحديد مواصفات ومعايير الجودة للأدوية واللقاحات والمستحضرات الصيدلانية، مما يسهم في تعزيز التزام المصنّعين المحليين بالمعايير الدولية، ويمنحهم الثقة لدخول المنافسة في الأسواق الإقليمية والعالمية. وقد أوضح الدكتور هشام الجضعي، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للغذاء والدواء (https://www.sfda.gov.sa)، أن هذا الدستور يمثل مرحلة جديدة من الريادة التنظيمية والعلمية، مدعومة ببنية تحتية متطورة تسهم في رفع جودة الأدوية المنتجة داخل المملكة. كما يتضمن الدستور فصولًا نوعية متخصصة، أبرزها فصل “حلال” الذي يُعد الأول من نوعه على مستوى العالم، ويؤكد التزام المملكة بالمعايير الإسلامية في تصنيع الدواء بما يعزز ثقة الأسواق الإسلامية والعالمية في المنتجات السعودية.
إقرأ ايضاً:
السعودية تعلن رفع نسب توطين المهن المحاسبية وتبدأ تنفيذ المرحلة الأولى في القطاع الخاصأرباح البنوك السعودية تدعم استقرار السوق وتؤكد متانة القطاع المصرفيانعكاس الدستور على بيئة الاستثمار والابتكار
يسهم إطلاق الدستور في فتح آفاق جديدة أمام المستثمرين المحليين والأجانب، إذ يوفّر بيئة تنظيمية واضحة ومتكاملة تشجع على ضخ الاستثمارات في مجال الأدوية واللقاحات والمستحضرات الحيوية. كما يُعتبر خطوة فاعلة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الدواء وتقليل الاعتماد على الاستيراد، في ظل زيادة الطلب العالمي على الأدوية الموثوقة والآمنة. كذلك يعزز الدستور من تنافسية الشركات الوطنية، ويحفّز البحث والتطوير في الجامعات والمراكز العلمية المتخصصة.
دور الدستور في تحقيق مستهدفات رؤية 2030
يأتي تدشين دستور الأدوية السعودي كجزء من جهود برنامج تحول القطاع الصحي، وهو أحد البرامج التنفيذية لرؤية المملكة 2030، الذي يهدف إلى رفع كفاءة المنظومة الصحية وتطوير الصناعة الدوائية المحلية. كما يمثل خطوة عملية لتوحيد المرجعيات التنظيمية وضمان جودة المنتجات المتداولة في السوق، ما يرفع ثقة المستهلك والمستثمر في آن واحد. ومن المتوقع أن يسهم هذا الدستور في جعل المملكة مركزًا إقليميًا لصناعة الأدوية والابتكار في المجال الصحي خلال السنوات القادمة.
يُجسد دستور الأدوية السعودي نموذجًا متكاملًا يجمع بين الهوية الوطنية والمعايير العلمية العالمية، مما يجعله ركيزة أساسية للنهوض بقطاع الدواء وتحقيق التنمية المستدامة في مجال الصحة العامة. إن هذه المبادرة لا تعزز فقط حضور المملكة على خريطة الصناعة الدوائية العالمية، بل ترسخ مكانتها كدولة تقود الابتكار والتنظيم في المنطقة.