تشهد المملكة العربية السعودية نقلة نوعية في قطاع الرعاية الصحية والتقنيات الحيوية مع الإعلان عن بدء أعمال أول منشأة وطنية لتصنيع العلاجات الجينية والخلوية بحلول نهاية عام 2025. ويأتي هذا المشروع العملاق ضمن استراتيجية وطنية تهدف إلى توطين الصناعات الدوائية المتقدمة وتعزيز مكانة المملكة كمركز إقليمي وعالمي للابتكار في مجال الطب الجيني والعلاج المناعي، مما يمثل خطوة محورية في مسيرة التحول الصحي الذي تقوده رؤية السعودية 2030.
المنشأة الأولى من نوعها في الشرق الأوسط
تقام المنشأة الجديدة داخل حرم مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث (https://www.kfshrc.edu.sa) في العاصمة الرياض، على مساحة تتجاوز خمسة آلاف متر مربع، لتكون الأولى من نوعها في المملكة والمنطقة العربية المتخصصة في إنتاج العلاجات الجينية والخلوية المتقدمة. وستغطي المنشأة نحو 9% من الطلب المحلي على هذه العلاجات، مع طاقة إنتاجية متوقعة تصل إلى 2400 جرعة علاجية سنويًا بحلول عام 2030.
وستركز المنشأة على تطوير العلاجات المناعية القائمة على الخلايا التائية والخلايا الجذعية، إضافة إلى تصنيع النواقل الفيروسية المستخدمة في العلاج الجيني، كما ستتوسع لاحقًا لتشمل تقنيات متقدمة مثل تحرير الجينات وإنتاج خلايا الكبد والجزر البنكرياسية لعلاج أمراض وراثية ومناعية معقدة.
إقرأ ايضاً:
السعودية تعلن رفع نسب توطين المهن المحاسبية وتبدأ تنفيذ المرحلة الأولى في القطاع الخاصأرباح البنوك السعودية تدعم استقرار السوق وتؤكد متانة القطاع المصرفيمعايير عالمية وتقنيات تصنيع ذكية
تم تصميم المنشأة لتعمل وفقًا لأعلى معايير الجودة العالمية في ممارسات التصنيع الجيد (GMP)، والتي تضمن سلامة العمليات وجودة المنتجات من خلال رقابة صارمة وتوثيق دقيق في جميع مراحل التصنيع. كما ستدمج المنشأة تقنيات الذكاء الاصطناعي والتصنيع الذكي في مراقبة الجودة والإنتاج، مما يتيح مرونة عالية في التوسع واستدامة في الابتكار، مع تقليل الأخطاء وتحسين الكفاءة التشغيلية. ويُتوقع أن تسهم هذه المنشأة في تقليص تكاليف العلاج على الدولة بنحو 8 مليارات ريال سعودي بحلول عام 2030، إلى جانب توفير فرص تدريبية وبحثية للأطباء والعلماء السعوديين في مجالات الهندسة الوراثية والتقنية الحيوية.
نقلة استراتيجية في مجال الصحة الوطنية
يمثل المشروع ركيزة أساسية في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والتي تهدف إلى تحسين جودة الحياة، وتوطين الصناعات الحيوية، وجعل المملكة مركزًا عالميًا في علوم الحياة بحلول عام 2040. كما يعكس المشروع التزام المملكة بتسريع التحول الصحي وتحقيق الاكتفاء الذاتي في العلاجات المتقدمة، ما يسهم في تعزيز الأمن الصحي الوطني وتوفير العلاج للمواطنين بأعلى معايير الجودة والابتكار.
إن إطلاق أول منشأة لتصنيع العلاجات الجينية في السعودية يجسد الرؤية المستقبلية للمملكة في بناء اقتصاد قائم على المعرفة، ويمثل بداية مرحلة جديدة من الريادة في قطاع الطب الحيوي عالميًا.