تشهد سوق النفط العالمية تغيرات ملحوظة في مسارات الإمدادات، بعد فرض الولايات المتحدة عقوبات جديدة على شركتي النفط الروسيتين "روسنفت" و"لوك أويل"، مما دفع الهند، ثالث أكبر مستورد للنفط في العالم، إلى زيادة اعتمادها على نفط الخليج لتعويض النقص في الشحنات الروسية. وتأتي هذه الخطوة في ظل ارتفاع الأسعار العالمية وتزايد الضغوط على أسواق الطاقة نتيجة التوترات الجيوسياسية المتصاعدة.
ريلاينس الهندية تتحرك لتعويض النقص في الإمدادات الروسية
كشفت مصادر في قطاع الطاقة أن شركة "ريلاينس إندستريز" الهندية، وهي أكبر شركة تكرير في البلاد، اشترت ما لا يقل عن 10 ملايين برميل من النفط من أسواق الشرق الأوسط والولايات المتحدة، لتعويض توقف الإمدادات الروسية بعد العقوبات الأخيرة. وتضمنت المشتريات خام خافجي السعودي، والبصرة المتوسط العراقي، والشاهين القطري، بالإضافة إلى كميات من خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي. ومن المتوقع تسليم هذه الشحنات خلال شهري ديسمبر ويناير المقبلين، وسط مؤشرات على زيادة الطلب الهندي على الخام الخليجي خلال الفترة المقبلة.
إقرأ ايضاً:
سال السعودية تجدد شراكتها مع طيران الإمارات لتعزيز قطاع الشحن الجوي في المملكةجامعة طيبة تطلق مسابقة الأطروحة في 3 دقائق لتطوير مهارات طلاب الدراسات العليا في السعوديةتأتي هذه الخطوة بعد أن كانت "ريلاينس" أكبر مستورد للنفط الروسي في الهند خلال العام الجاري، حيث كانت تحصل على إمداداتها بموجب عقود طويلة الأجل مع شركة "روسنفت" الروسية، التي أصبحت الآن خاضعة للعقوبات الأمريكية. وتشير البيانات إلى أن وتيرة شراء الشركة من نفوط الشرق الأوسط ارتفعت بشكل غير مسبوق خلال الأسابيع الأخيرة، في ظل سعيها لتأمين احتياجاتها من الخام لتغطية الطلب المحلي المتزايد.
الطلب الهندي يعزز مكاسب منتجي النفط الخليجي
ساهمت العقوبات على روسيا في تعزيز مكانة منتجي النفط في الخليج، إذ ارتفعت أسعار خامي عُمان ودبي نتيجة زيادة الطلب الفوري من الأسواق الآسيوية، كما سجل خام برنت العالمي ارتفاعًا تجاوز 5% خلال الأيام الماضية. وتشير التوقعات إلى أن الهند، إلى جانب الصين، ستواصلان البحث عن مصادر بديلة للنفط الروسي، ما يمنح دول الخليج فرصة أكبر لتعزيز صادراتها واستقطاب عقود طويلة الأجل مع شركات التكرير الآسيوية. كما يُتوقع أن تستفيد السعودية والعراق وقطر من هذا التحول في تدفقات النفط، خصوصًا مع قدرة هذه الدول على توفير خامات مستقرة من حيث الجودة والإمداد.
تأثير العقوبات على مستقبل تجارة الطاقة
يرى محللون أن العقوبات الجديدة على موسكو لن تقتصر آثارها على روسيا فقط، بل ستعيد رسم خريطة تجارة النفط العالمية بأكملها، حيث بدأت شركات آسيوية كبرى في إعادة تقييم عقودها الطويلة مع الموردين الروس. كما تسعى الهند إلى تنويع وارداتها لتقليل المخاطر السياسية وتأمين احتياجاتها في ظل تزايد الطلب المحلي على الطاقة. ومن المرجح أن يشهد السوق العالمي تحولات مستمرة في موازين العرض والطلب خلال الأشهر المقبلة مع استمرار تأثير العقوبات الأمريكية على تدفقات الخام الروسي.
إن التحول الهندي نحو نفط الخليج يعكس مرونة اقتصادات المنطقة وقدرتها على استغلال التغيرات الجيوسياسية لصالحها، مما يعزز مكانتها كمصدر رئيسي للطاقة في آسيا والعالم.