على مرّ العصور، اشتهر العديد من الفنانين بسلوكيات غريبة جعلتهم يُوصَفون بالجنون، إلا أن الرسام الهولندي فنسنت فان غوخ ظل الاسم الأكثر ارتباطًا بهذه الصورة، بسبب معاناته النفسية وسلوكه الصادم الذي وصل إلى حد قطع أذنه ودخوله المتكرر إلى مصحات الأمراض العقلية، قبل أن يضع حدًا لحياته بطريقة مأساوية.
لكن خلف ظلال فان غوخ، يبرز اسم آخر لا يقل مأساوية ولا عبقرية، هو الرسام النرويجي إدوارد مونش، صاحب اللوحة الشهيرة "الصرخة" التي بيعت عام 2012 بمبلغ تجاوز 120 مليون دولار، لتصبح من أغلى الأعمال الفنية في التاريخ.
إقرأ ايضاً:
المرور تطلق تحذيراً صارماً .. خطر خفي يفقد السائق السيطرة فجأة"سام ألتمان" يصدم العالم.. هل سيقوده الذكاء الاصطناعي يومًا ما؟"إيكيا" تفاجئ عشاق التكنولوجيا.. تشكيلة ذكية "تفتح باباً جديداً" لعصر المنازل المتصلة!"Redmi K90 Pro Max يذهل المستخدمين!" بطارية 7560 مللي أمبير وكاميرا ثلاثية مذهلةتحذير طبي جديد.. 5 أطعمة شائعة لا تخلطها مع البيض أبدًا وإلا ستدفع الثمن!نجم سعودي يلفت أنظار رينارد والهلال معًا.. خطوة مفاجئة تغيّر مسار مسيرته!وُلد مونش عام 1863 في أسرة عانت كثيرًا من المآسي. فحين كان في الخامسة من عمره، فقد والدته بسبب مرض السل، ثم توفيت شقيقته "صوفي" بنفس المرض الذي طبع ذاكرته بالحزن. ولم تتوقف المعاناة عند هذا الحد، إذ أصيبت شقيقته الأخرى بمرض الفصام (السكيزوفرينيا)، بينما توفي والده عام 1889، مما زاد من اضطراب حالته النفسية.
ورغم هذه الظروف القاسية، درس مونش في مدرسة الفنون الجميلة في أوسلو، ثم بدأ رحلاته إلى العواصم الأوروبية حيث التقى بالفيلسوف هانس جاغر الذي شجّعه على التعبير عن مشاعره من خلال الفن. هناك، تأثر مونش بفنون بول غوغان وفنسنت فان غوخ، قبل أن يتجه إلى المدارس التعبيرية والرمزية التي ميزت أعماله لاحقًا.
خلال مسيرته، أنجز مونش أكثر من 1700 لوحة وآلاف الرسومات، أشهرها “الصرخة” و“مادونا” و“الطفل المريض”، التي عكست بصدق حالته النفسية المعذّبة. ومع أنه حصد شهرة واسعة، إلا أن معاناته مع الاكتئاب والهلوسة والاضطراب ثنائي القطب رافقته طوال حياته.
عام 1902، دخل مونش في خلاف حاد مع حبيبته تولا لارسون انتهى بحادث مأساوي، حيث أُصيب بطلق ناري في يده اليسرى، ما أثر على قدرته على الرسم لاحقًا. انعزل بعدها عن الناس وأصبح يعيش وحيدًا، يتحدث إلى لوحاته كما لو كانت أصدقاءه.
وفي عام 1908، تعرض لانهيار عصبي حاد نتيجة الاكتئاب وإدمان الكحول، ما دفعه إلى الإقامة في مصحة نفسية لمدة ثمانية أشهر. ورغم عودته إلى الرسم بعدها، ظل يعاني من نوبات متكررة حتى وفاته عام 1944.
وخلال ثلاثينيات القرن الماضي، وصف النظام النازي أعمال مونش بأنها “فن منحط”، وأُزيلت لوحاته من المتاحف الألمانية. ومع غزو ألمانيا للنرويج عام 1940، حرص مونش على إخفاء لوحاته خوفًا من مصادرتها، في مشهد يجسّد آخر فصول حياته المضطربة بين الجنون والعبقرية.