أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف قلعة عسكرية أثرية ضخمة في منطقة سيناء تعود إلى عصر الدولة الحديثة بين 1550 و1069 قبل الميلاد. ووصف البيان الرسمي هذه القلعة بأنها «واحدة من أكبر وأهم القلاع المكتشفة ضمن سلسلة حصون الشرق على طريق حورس الحربي»، مؤكداً أهميتها في الكشف عن التطور العسكري لمصر القديمة.
يأتي الكشف في إطار أعمال البعثة الأثرية المصرية العاملة في موقع تل الخروبة شمال سيناء، القريب من ساحل البحر الأبيض المتوسط، حيث تسلط القلعة الضوء على مهارة ملوك الدولة الحديثة في بناء منظومة دفاعية متكاملة لحماية حدود مصر الشرقية وتأمين الطرق الاستراتيجية التي ربطت مصر بفلسطين.
إقرأ ايضاً:
تفاصيل صادمة عن عقوبات الفساد بالسعودية.. ومفاجأة حول حماية المبلّغين!قرارات مفاجئة بحق آلاف المقيمين والمواطنين.. الجوازات تكشف التفاصيل الكاملةوأوضح وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، أنّ هذا الاكتشاف يمثل «تجسيداً ملموساً لعبقرية المصري القديم في تصميم التحصينات العسكرية، ويكشف فصولاً جديدة من التاريخ العسكري للبلاد، ويعزز مكانة سيناء كمهد حضاري غني بالشواهد التاريخية».
من جانبه، وصف الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، القلعة بأنها «خطوة مهمة لفهم شبكة التحصينات المصرية على الحدود الشرقية»، مشيراً إلى أن كل قلعة مكتشفة تضيف لبنة جديدة في دراسة التنظيم العسكري لمصر القديمة.
وأسفرت الحفائر عن جزء من السور الجنوبي للقلعة بطول 105 أمتار وعرض 2.5 متر، يحتوي على مدخل فرعي بعرض 2.20 متر، إلى جانب 11 برجاً دفاعياً تم الكشف عنها حتى الآن، بالإضافة إلى السورَيْن الشمالي والغربي والبرج الشمالي الغربي. كما كشفت البعثة عن سور متعرج بطول 75 متراً في الجانب الغربي يقسم القلعة ويحيط بمنطقة سكنية خُصصت للجنود.
وأظهرت الدراسات الأولية أنّ القلعة مرت بعدة مراحل ترميم وتعديل، بما في ذلك إعادة تصميم المدخل الجنوبي. كما عُثر على أوانٍ فخارية متنوعة، يد إناء مختومة باسم الملك تحتمس الأول، أحجار بركانية نُقلت من جزر اليونان، وفرن كبير مع كميات من العجين المتحجّر، ما يدل على كون القلعة مركزاً متكاملاً للحياة اليومية للجنود.
وأكد الدكتور هشام حسين، رئيس الإدارة المركزية لآثار الوجه البحري، أن أعمال الحفائر ستستمر للكشف عن بقية الأسوار والمنشآت، ومن المتوقع العثور على الميناء العسكري القريب من الساحل. وبلغت مساحة القلعة حوالي 8000 متر مربع، أي ثلاثة أضعاف حجم القلعة المكتشفة في ثمانينيات القرن الماضي على بعد 700 متر جنوب غرب الموقع الحالي.
وأشار الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد عبد المقصود، إلى أنّ القلعة المكتشفة هي واحدة من أربع قلاع تعود إلى الأسرة الثامنة عشرة، بينما سجّل الملك سيتي الأول إنشاء نحو 11 قلعة عسكرية في سيناء على جدران معابد الكرنك بالأقصر، لم يُكتشف منها سوى أربع حتى الآن، ما يفتح المجال لمزيد من الاكتشافات المستقبلية.
يأتي هذا الاكتشاف ليؤكد أن سيناء كانت محصنة بالكامل من القنطرة إلى حدود غزة، ويبرز دور ملوك مصر في بناء وصيانة القلاع لحماية الحدود الشرقية، ويجعل المنطقة من أهم مراكز التاريخ العسكري المصري القديم.