عاد الذهب ليتصدر المشهد الاقتصادي العالمي بقوة، بعد أن حقق قفزة تاريخية غير مسبوقة، مسجلاً سعر 3800 دولار للأوقية الواحدة، وسط اضطرابات اقتصادية متلاحقة وتوترات جيوسياسية متصاعدة على الساحة الدولية. هذا الصعود الاستثنائي جعل المعدن النفيس محط أنظار المستثمرين حول العالم، باعتباره الملاذ الآمن الأول في فترات عدم الاستقرار المالي وارتفاع معدلات التضخم.
ويأتي هذا الارتفاع نتيجة تحول استراتيجي في سلوك المستثمرين الذين يسعون لحماية ثرواتهم من تراجع قيمة الدولار الأمريكي، وتنويع محافظهم بعيداً عن المخاطر التي تشهدها أسواق الأسهم والسندات. اللافت أن العديد من المستثمرين الذين اشتروا الذهب في العام الماضي عندما كان سعر الأونصة لا يتجاوز 2630 دولارًا، أصبحوا اليوم على عائد يفوق 31% خلال فترة قصيرة.
إقرأ ايضاً:
تحذير عاجل من الأرصاد: رياح قوية تضرب الجموم وتؤثر على الرؤية حتى الثالثة عصرًاتصريحات نارية من بيدرو إيمانويل بعد مواجهة النصر والفيحاء.. حديث يثير الجدلومع هذه المكاسب الكبيرة، يثور التساؤل بين المستثمرين: هل الآن هو الوقت المناسب للبيع؟ يقول بريت إليوت، مدير التسويق في شركة “APMEX” للمعادن الثمينة، إن قرار البيع يجب أن يستند إلى الحاجة الفردية للسيولة وأهداف المستثمر. ويوضح: "إذا كنت تحقق أرباحًا جيدة وتحتاج إلى السيولة، فالبيع الآن قد يكون خيارًا حكيمًا، لكن من يرى أن الذهب لم يصل إلى ذروته بعد، قد يفضل الانتظار لمكاسب إضافية"، بحسب ما نقلته شبكة "CBS" واطلعت عليه “العربية بزنس”.
ويأتي ذلك تزامناً مع خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة لأول مرة في عام 2025، وهو قرار يعزز عادة من جاذبية الذهب، نظرًا لانخفاض العوائد على الادخار، مما يجعل المعدن الأصفر خيارًا أكثر أمانًا وربحية في الأوقات الاقتصادية المضطربة.
قبل الإقدام على البيع، ينصح الخبراء المستثمرين بمعرفة نوع الذهب الذي يمتلكونه، إذ تختلف طريقة التعامل بين السبائك والمجوهرات وصناديق المؤشرات (ETFs) وأسهم شركات التعدين. ويشير جوشوا بارون، مدير الثروات في شركة “Savvy Advisors”، إلى أن البيع المحلي يظل الخيار الأكثر أمانًا: "تسليم الذهب يدًا بيد أفضل بكثير من شحنه أو إرساله بالبريد إلى جهة غير موثوقة".
ويضيف إليوت: "اختيار تاجر موثوق أمر بالغ الأهمية، سواء كان محليًا أو عبر الإنترنت، فالسمعة الجيدة تضمن لك السعر العادل والمعاملة الآمنة".
أما بالنسبة للمستثمرين في الذهب الورقي أو الأسهم المرتبطة بالمناجم، فعملية البيع تكون أبسط، إذ يمكن إجراؤها بسهولة من خلال وسيط مالي كما يحدث في تداول الأسهم التقليدية.
ويؤكد جو كافاتوني، كبير استراتيجيي السوق في مجلس الذهب العالمي، أن على المستثمرين مراجعة الأرباح المحققة والتأثيرات الضريبية المحتملة قبل اتخاذ القرار النهائي، خاصةً أن بعض الأرباح قد تخضع لضريبة المكاسب الرأسمالية.
في النهاية، يظل القرار بين البيع أو الاحتفاظ مرهونًا بالأهداف المالية الشخصية. فبينما يرى بعض الخبراء أن البيع الآن يؤمن الأرباح قبل أي تصحيح محتمل، يؤكد آخرون أن الذهب ما زال في بداية صعوده التاريخي وقد يسجل مستويات جديدة خلال الأشهر القادمة.