تواصل تربية الصقور في السعودية ودول الخليج الحفاظ على مكانتها العريقة، إذ لا تقتصر أهميتها على كونها رمزًا للتراث والثقافة، بل أصبحت اليوم فرصة استثمارية واعدة تجذب الهواة والمستثمرين على حد سواء. فبينما كانت الصقارة قديمًا تعبيرًا عن الفروسية والشجاعة ومهارة الصيد، تحوّل الصقر اليوم إلى أصل اقتصادي يُدر عوائد مالية ضخمة لملاّكه ومحترفي تربيته.
تشهد مزادات الصقور في المملكة إقبالًا واسعًا، حيث تبدأ أسعار بعض الطيور النادرة من 100 ألف ريال وتصل إلى 1.2 مليون ريال، بحسب خصائصها ومواصفاتها الفريدة.
ويرجع تفاوت الأسعار إلى معايير دقيقة يضعها الخبراء، من أبرزها سرعة الانقضاض، وشكل الذيل، والقدرة على التحمل، ودقة الصيد، وهي جميعها عوامل تحدد القيمة السوقية للصقر.
إقرأ ايضاً:
"هيئة الأفلام" تطلق مفاجأة البحث العلمي: إطلاق مبادرة سينماء الغامضة.. 5 فرص للنقاد والباحثين قد تغير مسار السينماتحذير طبي جديد.. 5 أطعمة شائعة لا تخلطها مع البيض أبدًا وإلا ستدفع الثمن!نجم سعودي يلفت أنظار رينارد والهلال معًا.. خطوة مفاجئة تغيّر مسار مسيرته!وخلال السنوات الخمس الماضية، تجاوزت مبيعات الصقور في السعودية حاجز 41 مليون ريال، ما يؤكد أن هذه الهواية لم تعد مجرد ترف، بل أصبحت رافدًا اقتصاديًا حقيقيًا يعزز الدخل ويخلق فرصًا جديدة لهواة الصقور والمهتمين بالموروث الأصيل.
في هذا السياق، يبرز معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025 الذي انطلقت فعالياته مؤخرًا كأحد أهم الأحداث العالمية في هذا المجال. ويُعد المعرض منصة موثوقة للبيع والشراء، إذ يضمن نزاهة العمليات ويحافظ على حقوق جميع الأطراف المشاركة من ملاّك الصقور والمشترين والطواريح — وهم الذين يصيدون الصقور في البرية — إلى جانب المستثمرين والمهتمين بهذا المجال التراثي.
ويجذب المعرض سنويًا الآلاف من الصقارين والعارضين، حيث يشارك هذا الموسم أكثر من 1300 عارض وعلامة تجارية من 45 دولة، ليصبح المعرض الأكبر من نوعه عالميًا. ويمثل الحدث فرصة فريدة للزوار من مختلف أنحاء العالم للاطلاع على الهوية الثقافية السعودية الأصيلة وما تحمله من إرث متجذر في الصيد بالصقور والهوايات المرتبطة به.
ويُعد نادي الصقور السعودي من أبرز الجهات التي تسهم في تطوير هذا المجال من خلال تنظيم فعاليات عالمية مثل مهرجان الملك عبدالعزيز للصقور الذي دخل موسوعة غينيس ثلاث مرات من حيث عدد المشاركين، إضافة إلى كأس العلا للصقور الذي يُعتبر أغلى مسابقة في العالم، وسباقات الملواح والمزادات الدولية الخاصة بمزارع إنتاج الصقور المحلية والعالمية.
وتبرز أهمية هذه الفعاليات في كونها لا تقتصر على الجانب الترفيهي فحسب، بل تسهم في تحفيز الاقتصاد وتنمية السياحة الثقافية، إلى جانب تعزيز الوعي بضرورة صون الموروث الوطني ونقله للأجيال الجديدة. ومع تزايد الاهتمام العالمي بالصقارة، تؤكد السعودية من خلال هذه الجهود مكانتها كـ موطن عالمي للصقور والصقارين، تجمع بين الأصالة والابتكار في آن واحد.