في خطوة علمية قد تغيّر مستقبل الطب وعلاجات الأمراض المستعصية، أعلن باحثون من كلية الطب بجامعة هارفارد بالولايات المتحدة عن تطوير أداة ذكاء اصطناعي مبتكرة أطلقوا عليها اسم «غرافر» (PDGrapher)، قادرة على تحديد الجينات والعلاجات الدوائية المناسبة للأمراض المعقدة مثل السرطان والاضطرابات العصبية التنكسية.
الابتكار الجديد يختلف عن الأساليب التقليدية التي تركز على بروتين واحد أو مسار منفرد، إذ يعتمد على تحليل شامل للشبكات الجينية والمسارات الإشارية داخل الخلايا، ما يساعد على إعادة الخلايا المريضة إلى حالتها الطبيعية عبر استهداف السبب الجذري للمرض.
إقرأ ايضاً:
الزكاة تفاجئ المستوردين .. السر وراء إعفاء قطع الكمبيوتر من الرسوم الجمركية"تحديث آبل الجديد" يكشف الحقيقة.. 50 ثغرة كانت تهدد كل مستخدم آيفون! "أوبن أيه آي" تتحرك بسرعة لطمأنة المستثمرين بعد ضجة التصريحات المالية"سام ألتمان" يصدم العالم.. هل سيقوده الذكاء الاصطناعي يومًا ما؟تحذير طبي جديد.. 5 أطعمة شائعة لا تخلطها مع البيض أبدًا وإلا ستدفع الثمن!نجم سعودي يلفت أنظار رينارد والهلال معًا.. خطوة مفاجئة تغيّر مسار مسيرته!كيف تعمل الأداة؟
تعتمد «غرافر» على شبكة عصبية بيانية (Graph Neural Network) متقدمة، قادرة على فهم العلاقات المعقدة بين الجينات والبروتينات. وبدلاً من البحث عن “مفتاح تشغيل أو إيقاف” للمرض، تحدد الأداة مجموعات من الجينات المسؤولة عن استمرار الحالة المرضية وتقترح أفضل التدخلات العلاجية.
وشبّه الباحثون هذا النهج بمحاولة إصلاح وصفة طعام معطوبة؛ حيث توفّر البيانات خارطة دقيقة لإيجاد التركيبة المثالية دون الحاجة إلى تجارب عشوائية طويلة.
نتائج بارزة في علاج السرطان
تم اختبار الأداة على بيانات من خلايا سرطانية قبل وبعد العلاج، إضافة إلى 19 مجموعة بيانات مستقلة تغطي 11 نوعاً من السرطان. المفاجأة أن «غرافر» لم تكتفِ بإعادة اكتشاف الأهداف العلاجية المعروفة، بل كشفت عن أهداف جديدة واعدة مثل مستقبل KDR (VEGFR2) المرتبط بنمو الأورام، وإنزيم TOP2A المسؤول عن انتشار الخلايا السرطانية.
وأظهرت النتائج أن الأداة تتفوق على أدوات الذكاء الاصطناعي الحالية بنسبة دقة أعلى وصلت إلى 35%، كما عالجت البيانات أسرع بـ25 مرة، ما يعني تقليل الوقت والتكاليف في تطوير الأدوية الجديدة.
دعم العلاجات المركبة
واحدة من أبرز مزايا «غرافر» هي تفسيرها لكيفية عمل تركيبات الأدوية بشكل متكامل. فالسرطان غالباً ما يقاوم العلاجات الأحادية، بينما يفتح استهداف نقاط ضعف متعددة في وقت واحد المجال أمام علاجات مركبة أكثر فعالية وقوة.
آفاق جديدة للأمراض العصبية
لم تتوقف تطبيقات الأداة عند السرطان فقط، بل يعمل فريق هارفارد على اختبارها في دراسة أمراض عصبية مثل ألزهايمر وباركنسون، وحتى الاضطرابات النادرة مثل خلل التوتر العضلي-باركنسون المرتبط بالكروموسوم X، وذلك بالتعاون مع مستشفى ماساتشوستس العام.
ويرى الباحثون أن هذه الأداة قد تكون نقطة تحول في الطب الدقيق (Personalized Medicine)، حيث يمكن تصميم علاج فردي لكل مريض وفق بصمته الجينية الخاصة، ما يعزز فاعلية العلاج ويقلل من آثاره الجانبية.
ويؤكد القائمون على المشروع أن «غرافر» لا تسرّع فقط عملية اكتشاف الأدوية، بل تعيد رسم طريقة فهم الأمراض وعلاجها من الأساس، فاتحة الباب أمام عصر جديد من الطب المبني على الذكاء الاصطناعي.