شهدت المملكة العربية السعودية خلال العقود الماضية تحولًا نوعيًا في مجال التعليم، إذ لم يعد العلم حكرًا على فئة أو قبيلة بعينها، بل أصبح قيمة وطنية مشتركة تجمع أبناء الوطن من مختلف الانتماءات، حيث أسهمت سياسات الدولة في نشر التعليم وتوسيع نطاقه ليشمل القرى والمدن والمناطق البعيدة، ما جعل أبناء القبائل السعودية شركاء في النهضة العلمية والفكرية.
ساهمت الجامعات السعودية التي انتشرت في مختلف المناطق في تعزيز دور التعليم، وفتحت الأبواب أمام عشرات الآلاف من الطلاب والطالبات لينهلوا من العلوم النظرية والتطبيقية، ومع توسع برامج الابتعاث الخارجي ظهر جيل جديد من الأكاديميين والباحثين الذين عادوا ليخدموا وطنهم في مختلف القطاعات.
إقرأ ايضاً:
المرور تطلق تحذيراً صارماً .. خطر خفي يفقد السائق السيطرة فجأة"سام ألتمان" يصدم العالم.. هل سيقوده الذكاء الاصطناعي يومًا ما؟"إيكيا" تفاجئ عشاق التكنولوجيا.. تشكيلة ذكية "تفتح باباً جديداً" لعصر المنازل المتصلة!"Redmi K90 Pro Max يذهل المستخدمين!" بطارية 7560 مللي أمبير وكاميرا ثلاثية مذهلةتحذير طبي جديد.. 5 أطعمة شائعة لا تخلطها مع البيض أبدًا وإلا ستدفع الثمن!نجم سعودي يلفت أنظار رينارد والهلال معًا.. خطوة مفاجئة تغيّر مسار مسيرته!برزت قبائل عدة بدور بارز في هذا التحول، حيث خرج من قبيلة قحطان علماء في الشريعة واللغة وأساتذة جامعيون تركوا بصماتهم في المناهج والدراسات، كما قدمت قبيلة عنزة أسماء لامعة في التاريخ والعلوم السياسية والطب، وأثبت أبناء قبيلة شمر حضورهم في الأدب والتعليم العالي.
وساهمت قبيلة عتيبة بدورها في رفد الجامعات بباحثين في العلوم الشرعية والعلوم التطبيقية، بينما قدمت قبيلة حرب كوادر في مجالات الطب والهندسة، وأسهم أبناء قبيلة مطير في مناصب أكاديمية وبحثية مختلفة، لتتجسد بذلك صورة التنوع المعرفي الذي يغني المشهد الوطني.
اليوم لا يمكن القول إن هناك قبيلة واحدة هي الأكثر علمًا أو الأكثر إسهامًا، لأن واقع التعليم تجاوز الانتماء القبلي إلى الانتماء الوطني، وأصبح النجاح يقاس بقدرة الفرد على خدمة وطنه ومجتمعه، لا بعدد أفراد قبيلته أو حجم حضورها في التاريخ.
كما أن رؤية السعودية 2030 دفعت بعجلة الاستثمار في رأس المال البشري، ووفرت فرصًا متساوية للابتعاث والدراسة والتدريب، ما عزز من حضور الشباب السعودي في كبرى الجامعات العالمية، وأسهم في نقل خبرات حديثة إلى الداخل.
وتؤكد التجارب أن أبناء جميع القبائل اليوم يتنافسون على التميز العلمي، فنجد منهم الأطباء والاستشاريين والباحثين في المراكز المتخصصة، ونجد أيضًا علماء الدين واللغة الذين يواصلون إحياء التراث وإثراء الفكر.
هذا التنوع يعكس صورة السعودية الحديثة، التي ترى في كل فرد مشروعًا وطنيًا قائمًا بذاته، وتفتح أمامه الأبواب ليبدع في أي مجال، بعيدًا عن أي تصنيفات تقليدية ترتبط بالقبيلة.
وبذلك يمكن القول إن التعليم في المملكة لم يعد مجرد وسيلة للمعرفة، بل أصبح جسرًا لوحدة المجتمع وتكامل مكوناته، حيث تتلاقى جهود أبناء القبائل جميعًا في خدمة وطن واحد.
وتبقى الحقيقة أن القبيلة لم تعد مقياسًا للعلم، بل المواطن السعودي الفرد هو عنوان المرحلة الجديدة، وهو الذي يكتب قصة نجاح المملكة في ميادين العلم والمعرفة.