الوصية الكاذبة لبطرس الأكبر.. كيف حولت روسيا إلى دولة منبوذة في أوروبا لقرون

الوصية الكاذبة لبطرس الأكبر.. كيف حولت روسيا إلى دولة منبوذة في أوروبا لقرون

كتب بواسطة: بدور حمادي |

على مدى قرون، عاشت القارة الأوروبية في حالة توتر مستمر مع روسيا، خاصة بعد صعود بطرس الأكبر الذي أحدث تغييرات جذرية في البلاد وحولها إلى قوة إقليمية بعد حرب الشمال العظمى ضد السويد التي استمرت نحو 21 عامًا وأسفرت عن مقتل حوالي مليون شخص. وبعد هذه الحرب، حافظ الغرب الأوروبي على خوفه وقلقه من طموحات روسيا الإقليمية، ومع حلول القرن التاسع عشر، ظهر هذا الشعور بقوة بعد ظهور ما أطلق عليه "وصية بطرس الأكبر" الكاذبة أثناء فترة حكم نابليون بونابرت في فرنسا.

إصلاحات بطرس الأكبر وتحديث روسيا

منذ توليه حكم روسيا عام 1696 بعد وفاة أخيه إيفان الخامس، شرع بطرس الأكبر في تنفيذ إصلاحات شاملة في مختلف المجالات لجعل روسيا دولة متقدمة وقوية عسكريًا. فقد قام بتحديث الجيش وخلق جيش دائم ومعاصر، وأنشأ البحرية الروسية وأشرف شخصيًا على بناء السفن الحربية، كما عمل على تقليص نفوذ النبلاء. وأسس عاصمة جديدة على بحر البلطيق، وهي سانت بطرسبرغ، لتكون بوابة روسيا نحو العالم بدلاً من موسكو، ما عزز مكانة روسيا دوليًا ورفع القلق الأوروبي من توسعها المحتمل.

إقرأ ايضاً:

التأمينات تطلق دليلك السري للحصول على تعويض الأمومة .. خطوات بسيطة توفر آلاف الريالات"خبراء السلامة" يحذرون: ترك الشواحن موصولة قد يُفجّر كارثة في منزلك!"شركة Poco" تطلق "Poco Pad M1".. وهذه التفاصيل التي لم تُكشف بعد عن المواصفات!"OpenAI" تطلب تحركاً عاجلاً من الحكومة الأمريكية.. والسبب يكشف عن مشروع بقيمة "تريليون دولار"!تحذير طبي جديد.. 5 أطعمة شائعة لا تخلطها مع البيض أبدًا وإلا ستدفع الثمن!نجم سعودي يلفت أنظار رينارد والهلال معًا.. خطوة مفاجئة تغيّر مسار مسيرته!

الوصية الكاذبة ونابليون بونابرت

خلال عام 1797، قدم النبيل البولندي ميكال سوكولنيكي وثيقة بعنوان "نظرة على روسيا" للإدارة الفرنسية، واستغلتها حكومة نابليون بونابرت لأغراض دعائية وأطلقت عليها اسم "وصية بطرس الأكبر". تضمنت الوثيقة الكاذبة توجيهات لبطرس الأكبر لورثته لشن حروب على بولندا والعثمانيين والسويد، وتوسيع الإمبراطورية الروسية نحو الهند والصين، واستخدام الأرثوذكسية للتأثير على الشعوب الأوروبية. وبذلك، استخدم نابليون هذه الوصية لبث الرعب في أوروبا وإذكاء الكراهية تجاه الروس خلال حملاته العسكرية.

تداعيات الوصية على أوروبا وحروب القرن التاسع عشر والعشرين

على الرغم من عدم وجود أي ذكر لهذه الوصية في الأرشيف الروسي، إلا أن أوروبا واصلت استغلالها لأغراض دعائية طوال القرن التاسع عشر والقرن العشرين. استُخدمت هذه الحيلة لتبرير الحروب ضد روسيا، بما في ذلك حرب القرم والحروب الروسية العثمانية والحربين العالميتين الأولى والثانية، وحتى خلال الحرب الباردة، مما عزز من صورة روسيا كدولة تهديد عالمي في أعين الأوروبيين.

لقد شكلت الوصية الكاذبة لبطرس الأكبر أداة دعائية استخدمها نابليون لزرع الخوف في أوروبا، وأسهمت في بناء سردية طويلة استمرت لقرون عن تهديد روسي دائم ومتعاظم، ما ترك أثرًا عميقًا على العلاقات الأوروبية الروسية والسياسات الدولية لفترة طويلة، مؤكدة أهمية المعلومات والدعاية في تشكيل مواقف الدول والشعوب تجاه بعضها البعض عبر التاريخ.

تعكس هذه الأحداث كيف يمكن لوثيقة واحدة، حتى لو كانت مزيفة، أن تؤثر على السياسة العالمية والخيال الجماعي لقرون، وكيف استخدم الزعماء مثل نابليون الحيل الدعائية لتعزيز مصالحهم العسكرية والسياسية وتأليب العالم ضد خصومهم.

الأخبار الجديدة
آخر الاخبار