تواجه فرنسا تحديات مالية كبيرة بعد سنوات من الأزمات العالمية المتلاحقة بدءًا من جائحة كوفيد-19 وصولًا إلى تداعيات الحرب في أوكرانيا وارتفاع تكاليف الطاقة والمعيشة. هذه الأزمات ساهمت بشكل مباشر في تضخم الدين العام الذي بلغ 113.9% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يتجاوز الحد المسموح به أوروبيًا ويضع الاقتصاد الفرنسي أمام اختبار صعب مع تصاعد الجدل السياسي حول خطة الإصلاح المالي
خطة بايرو لمواجهة الدين العام
يسعى رئيس الوزراء فرنسوا بايرو، بدعم من الرئيس إيمانويل ماكرون، إلى تمرير موازنة عام 2026 التي تتضمن إجراءات تقشفية صارمة تستهدف توفير نحو 44 مليار يورو. وتشمل هذه الإجراءات تجميد بعض المعاشات التقاعدية، خفض الإنفاق على الرعاية الصحية، وإلغاء عطلات رسمية، وهي خطوات أثارت جدلًا واسعًا داخل البرلمان وأوساط الرأي العام. المعارضة وصفت هذه الخطة بأنها «انتحار سياسي» وأعلنت نيتها التصويت ضدها في جلسة الثقة، ما يجعل فرص نجاحها موضع شك كبير
إقرأ ايضاً:
"الأمن العام" يطلق قنبلة تحذير عاجلة: 3 صور خفية للتسول قد توقعك في عقوبة السجن!"ستيلث فالكون" تحت المجهر: بنية مشتركة تربط هجمات وتفتح بابًا لأسئلة محرجة عن الجهة الحقيقية"السباحة" تدخل عالم الذكاء الاصطناعي.. هذه التقنية تغير قواعد التدريب"تطبيق GoWish" يضرب السوق الأمريكي بقوة.. اكتشف لماذا تجتاح قوائم الأمنيات الملايين!تحذير طبي جديد.. 5 أطعمة شائعة لا تخلطها مع البيض أبدًا وإلا ستدفع الثمن!نجم سعودي يلفت أنظار رينارد والهلال معًا.. خطوة مفاجئة تغيّر مسار مسيرته!هل الأزمات وحدها مسؤولة عن العجز؟
رغم أن الأزمات مثل كوفيد-19 وأزمة الطاقة شكلت عبئًا ضخمًا على الموازنة بسبب الدعم الحكومي وخطط الإنقاذ، إلا أن بعض الخبراء يشيرون إلى أن السياسات الضريبية التي اتخذتها حكومة ماكرون كان لها نصيب لا يُستهان به من تضخم الدين. فقد أدى خفض الضرائب لصالح الشركات والأفراد ذوي الدخل المرتفع إلى تراجع الإيرادات العامة بنحو 65 مليار يورو سنويًا، وهو ما ساهم في زيادة الفجوة بين الإيرادات والنفقات
رؤية اقتصادية متباينة بين الحكومة والمعارضة
تؤكد الحكومة أن الإصلاحات المالية ضرورية للحفاظ على الثقة في الاقتصاد الفرنسي داخل الاتحاد الأوروبي ولدى المستثمرين الدوليين، بينما ترى المعارضة أن تحميل المواطنين كلفة الإصلاح عبر تقليص الخدمات الاجتماعية وتجميد المعاشات سيؤدي إلى زيادة الاحتقان الاجتماعي. ويشير خبراء الاقتصاد إلى أن الحل يكمن في إيجاد توازن بين ضبط الموازنة وتحفيز النمو عبر الاستثمار في القطاعات الإنتاجية بما يضمن قدرة فرنسا على سداد ديونها دون التضحية بالاستقرار الاجتماعي
تطورات المشهد المالي في فرنسا تعكس تداخل الأزمات العالمية مع الخيارات السياسية الداخلية، وهو ما يجعل مهمة الحكومة في خفض الدين العام صعبة لكنها ضرورية. نجاح أو فشل خطة بايرو سيحدد إلى حد كبير مستقبل الاقتصاد الفرنسي في السنوات المقبلة، وسيكون بمثابة اختبار حقيقي لقدرة باريس على استعادة توازنها المالي في بيئة دولية مضطربة