تمثال طريق الإسكندرية الصحراوي بين إشادة فنانين وانتقادات حادة لتصميمه

أثار التمثال الضخم الذي وُضع عند مدخل طريق القاهرة – الإسكندرية الصحراوي جدلاً واسعًا في الأوساط الفنية والثقافية، حيث انقسمت الآراء بين من اعتبره عملاً فنياً معاصراً يعكس هوية مصرية متجددة، وبين من رأى أنه لا يرقى ليكون في مدخل طريق يؤدي إلى المتحف المصري الكبير https://grandegyptianmuseum.org  الذي يضم أروع الأعمال الأثرية. التمثال من تصميم النحات ضياء عوض، أستاذ النحت في كلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا، ويبلغ ارتفاعه 27 متراً.

إشادة بجرأة التصميم وتوافقه مع المتحف الكبير

عدد من الفنانين أشادوا بالتمثال، معتبرين أن بنيته المثلثية المكسّرة تترجم فلسفة معمار المتحف الكبير القائم على التكوينات المثلثية وتفاعل النور والظل. واعتبر الدكتور حاتم شافعي، أستاذ النحت بجامعة حلوان، أن التمثال ليس مجرد كتلة معدنية بل أثر بصري معماري، وُضع خصيصاً ليلفت الانتباه على طريق سريع. وأوضح أن طبيعة المكان تفرض عملاً بصرياً قوياً يراه المارون لبضع ثوانٍ فقط، ما يبرر المبالغة في تفاصيل الوجه المستوحى من الملامح المصرية القديمة.

إقرأ ايضاً:

انتقادات لملاءمة العمل للمكان وطبيعته الفنية

في المقابل، تعرض التمثال لانتقادات من بعض الفنانين التشكيليين الذين وصفوه بأنه يفتقر إلى الأصالة. أشار النحات سعد زغلول إلى أن وضع التمثال في مدخل المتحف الكبير يبدو صادماً، لأنه لا يعبر عن عظمة الآثار المصرية. بينما اعتبر آخرون أن الاعتماد على الرأس المصري القديم لم يكن موفقاً، وأن الأفضل كان تصميم عمل تجريدي يرمز للهوية دون استنساخ مباشر. كما انتقد الفنان محمد عبلة تجاهل طبيعة المكان والخامة المستخدمة، مشيراً إلى أن الحديد مناسب للأعمال المتحركة أكثر من الأعمال الثابتة.

الجدل حول الفن العام وأحقية المشاركة المجتمعية

النقاش الذي أثاره التمثال فتح الباب لجدل أكبر حول حق المجتمع في المشاركة في اختيار الأعمال التي تزين الفضاء العام. يرى بعض الفنانين أن الفراغ العام ليس ملكاً لمؤسسة بعينها، بل للمجتمع ككل، وكان الأجدر فتح حوار عام قبل تنفيذ عمل بهذا الحجم. في المقابل، يؤكد المدافعون عن التمثال أنه يمثل محاولة جادة لخلق صياغة جديدة تربط التراث المصري القديم بفنون النحت المعاصر، وأن مثل هذه المحاولات يجب دعمها حتى مع وجود اختلافات في الأذواق.

في النهاية يبقى التمثال حدثاً فنياً بارزاً أثار نقاشاً واسعاً حول معنى النحت المعاصر، ودور الفن في التعبير عن هوية مصرية متجددة في فضاء مفتوح أمام الجميع. ورغم تباين الآراء بين مؤيد ومعارض، فإن القيمة الحقيقية تكمن في إثارة الحوار حول دور الفن العام وأهمية دمج التراث بالتجديد، وهو ما قد يسهم في تطوير تجربة النحت في مصر لمستقبل أكثر تنوعاً وإبداعاً.