تتواصل التساؤلات داخل الأوساط الرياضية السعودية حول مصير العقوبات المتوقعة على نادي الهلال بعد انسحابه الرسمي من بطولة كأس السوبر السعودي للموسم الماضي، في موقف لا يزال يثير الجدل ويشغل الشارع الرياضي، وسط غياب أي توضيح رسمي من قبل الجهات المنظمة للبطولة، ما فتح الباب واسعًا للتكهنات والآراء المتباينة.
وكان نادي الهلال قد أعلن انسحابه من بطولة السوبر السعودي بشكل مفاجئ، وهو ما اعتبره البعض سلوكًا غير معتاد من نادٍ يملك تاريخًا حافلًا بالالتزام والمنافسة، بينما برر النادي قراره بتأخر نهاية موسمه بسبب مشاركته الدولية في كأس العالم للأندية التي أقيمت في فبراير الماضي، والتي وصل فيها إلى دور ربع النهائي بعد أداء مشرف.
إقرأ ايضاً:
تدشين معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي بعسير يعزز ثقافة الابتكار بين الطلابأكاديمية الخليج للطيران تحصل على ختم الجودة الذهبي لتميزها في التدريب الجوي والابتكار التعليميومع إعلان الانسحاب، تصاعدت التوقعات بشأن إصدار قرارات عقابية قد تتضمن غرامات مالية أو عقوبات رياضية أخرى، لكن مرور الأسابيع دون أي إعلان رسمي دفع كثيرين إلى التساؤل عن خلفيات هذا التأخير، خاصة مع مشاركة النادي الأهلي بدلًا من الهلال في البطولة التي جرت في موعدها المقرر.
وأشعل الإعلامي الرياضي المعروف عادل الملحم النقاش عبر منصته الشخصية على “إكس” عندما كتب متسائلًا: “الحين ما هي آخر أخبار عقوبة الانسحاب؟!”، وهو تساؤل لاقى تفاعلًا واسعًا من المتابعين الذين طالبوا باتخاذ قرارات واضحة دون تمييز، تطبيقًا لمبدأ العدالة والمساواة بين الأندية.
وفي المقابل، يرى بعض المراقبين أن تأخر الإعلان عن العقوبات قد يرتبط بمداولات داخلية أو محاولات لإيجاد مخرج قانوني يتناسب مع طبيعة المشاركة الدولية للهلال، خاصة أن مشاركة الزعيم في كأس العالم للأندية فرضت ضغطًا كبيرًا على جدوله الزمني وأثرت على استعداده للبطولات المحلية.
لكن هذه التبريرات لم تقنع شريحة واسعة من جماهير الأندية الأخرى، التي رأت أن تأجيل العقوبات يفتح الباب أمام استثناءات غير مبررة، معتبرين أن الانضباط الرياضي لا يجب أن يُخضع لموازنات ظرفية مهما كانت مبرراتها، وأن القرارات ينبغي أن تصدر في وقتها لحماية هيبة المسابقات.
ويستند أنصار هذا الرأي إلى أن لوائح البطولات المحلية واضحة بشأن حالات الانسحاب، حيث تنص بعض البنود على فرض غرامات مالية أو حتى الإقصاء من النسخة التالية من البطولة في حال ثبتت مسؤولية الانسحاب بدون عذر مقبول، وهو ما يرون أنه ينطبق على حالة الهلال.
وتاريخيًا، لم يشهد الدوري السعودي حالات انسحاب كثيرة من البطولات الرسمية الكبرى، ما يجعل من موقف الهلال الحالي حالة فريدة تستوجب تفسيرًا مؤسسيًا دقيقًا، لتفادي تكرارها في المستقبل وضمان سير المسابقات بنزاهة وعدالة، كما يطالب كثير من المحللين الرياضيين.
ويرى متابعون أن القضية تجاوزت حدود الانسحاب الرياضي لتأخذ طابعًا مؤسسيًا يرتبط بالشفافية والحوكمة، حيث بات لزامًا على الجهة المنظمة توضيح موقفها الرسمي بشأن ما إذا كان الهلال سيواجه عقوبات بالفعل، أم أن مشاركته في كأس العالم للأندية تعد مبررًا كافيًا لتجنبها.
وكان انسحاب الهلال قد أربك منظمي البطولة في بداياتها، مما تطلب إعادة ترتيب جدول المباريات واستدعاء النادي الأهلي للمشاركة بديلًا، وهو ما قوبل بارتياح جماهيري محدود لكنه لم يعف الجهات المنظمة من التساؤلات حول الخطط البديلة ومدى جاهزيتها لمثل هذه الطوارئ.
وبينما يلتزم الهلال الصمت الإعلامي حول تبعات انسحابه، تظل التكهنات مفتوحة بشأن فحوى أي تحقيقات أو مشاورات تدور في الكواليس، خصوصًا مع بداية العد التنازلي لانطلاق الموسم الرياضي الجديد، الأمر الذي يضغط على الجهات المعنية لتحديد الموقف القانوني بشكل عاجل.
ومن جانب آخر، هناك من يدعو إلى تهدئة الخطاب الإعلامي وانتظار إعلان رسمي قبل إطلاق الأحكام، معتبرين أن الوقت لا يزال متاحًا لإصدار قرارات عادلة تأخذ في الاعتبار الظروف الاستثنائية التي واجهها الهلال، خاصة أن الأندية السعودية تخوض في السنوات الأخيرة منافسات دولية مرهقة.
وفي ظل تضارب الآراء، يبقى السؤال الأكبر معلقًا دون إجابة: هل ستصدر لجنة الانضباط أو أي جهة معنية قرارًا بشأن الهلال قبل بداية الموسم المقبل، أم أن القضية ستظل طي الغموض؟ سؤال لا يتوقف عن التردد في البرامج الرياضية ومواقع التواصل الاجتماعي على حد سواء.
والشارع الرياضي ينتظر إجابة حاسمة، ليس فقط بشأن العقوبة بحد ذاتها، بل حول آليات اتخاذ القرار الرياضي داخل المنظومة السعودية، وهل تُدار هذه الملفات وفق معايير واضحة وموحدة تنطبق على الجميع دون استثناء، أم أن النجومية والمشاركات الخارجية تمنح بعض الأندية وضعًا خاصًا.
ومع اقتراب موعد انطلاق الموسم الجديد، يتطلع الجمهور إلى حسم هذا الملف حتى لا يلقي بظلاله على سير المسابقات المقبلة، إذ أن استمرار الغموض قد يؤثر سلبًا على مصداقية المنافسة ويضعف الثقة في إجراءات التنظيم، بحسب تعليقات بعض الشخصيات الرياضية البارزة.
وتبقى الأيام القادمة حبلى بالتوقعات، سواء بالإعلان عن العقوبات أو بتجاهل الملف حتى إشعار آخر، لكن الثابت أن ملف انسحاب الهلال قد أصبح قضية رأي عام رياضي، يتطلب من الجهات المنظمة وقفة حاسمة لتفسير ما حدث واتخاذ ما يلزم من قرارات وفق اللوائح المعمول بها.