جذوع الأشجار المتحجرة

أبو رويس".. جذوع متحجرة تروي قصة عصور جيولوجية منسية!

كتب بواسطة: سالي حسنين |

تلفت الأنظار في صحراء محافظة الأفلاج، وتحديدًا شرق مركز العجلية بنحو أربعين كيلومترًا، بقايا جذوع الأشجار المتحجرة التي تنتشر في موقع يُعرف باسم "حزم أبو رويس"، وهو أحد المواقع الجيولوجية الفريدة في المملكة، ويُعد شاهدًا حيًّا على تحولات طبيعية هائلة مرّت بها المنطقة منذ ملايين السنين.

وتُشكل هذه البقايا الغريبة من نوعها وجهةً متزايدة لهواة الرحلات البرية وعشّاق الطبيعة، الذين يتوافدون لاستكشاف هذه الظاهرة التي تقف دليلاً على أن هذه الصحراء القاحلة كانت في يومٍ من الأيام أرضًا خضراء تنبض بالحياة.

إقرأ ايضاً:

التأمينات توضح شروط صارمة لساند .. هذا البند يُسقط استحقاقك دون أن تشعر"إيكيا" تفاجئ عشاق التكنولوجيا.. تشكيلة ذكية "تفتح باباً جديداً" لعصر المنازل المتصلة!"Redmi K90 Pro Max يذهل المستخدمين!" بطارية 7560 مللي أمبير وكاميرا ثلاثية مذهلة"موتورولا" تعلن Edge 70.. تصميم نحيف يقلب الموازين وتقنيات ذكاء اصطناعي فريدة!تحذير طبي جديد.. 5 أطعمة شائعة لا تخلطها مع البيض أبدًا وإلا ستدفع الثمن!نجم سعودي يلفت أنظار رينارد والهلال معًا.. خطوة مفاجئة تغيّر مسار مسيرته!

وفي موقع "حزم أبو رويس"، تتناثر بقايا جذوع وأغصان أشجار متحجرة فوق طبقة رسوبية واسعة، غطتها عبر الزمن طبقات أخرى يرجّح المتخصصون أنها تعود إلى العصر البرمي المتأخر، أي ما قبل أكثر من 250 مليون سنة.

وتبدو هذه الطبقات واضحة للعيان، حتى من مسافات بعيدة، بفضل لونها البني الداكن المائل إلى السواد، ما يمنح الموقع طابعًا بصريًا مميزًا ومشهدًا جيولوجيًا نادرًا في المنطقة.

ولا يقتصر تفرّد هذا الموقع على نطاقه المحلي، بل يُعتبر جزءًا من سلسلة جيولوجية أوسع تمتد لما يقرب من ألف كيلومتر، انطلاقًا من منطقة "أرض المستوي" في القصيم شمالاً، وصولاً إلى الحافة الغربية للربع الخالي جنوبًا.

وتزخر هذه المنطقة الطويلة بالعديد من الظواهر الجيولوجية المتشابهة، ومنها الأنهار الجافة والغابات المتحجرة، التي تعود كلها إلى فترات جيولوجية شهدت فيها شبه الجزيرة العربية مناخًا مطيرًا وغنيًا بالحياة النباتية والمائية، خلافًا لما هي عليه اليوم.

وتوضح الدراسات الجيولوجية أن هذه الجذوع لم تتحجر بمحض الصدفة، بل خضعت لعملية طبيعية معقدة تمت على مدى ملايين السنين.

فحينما كانت البيئة آنذاك غنية بالأشجار والأنهار، كانت السيول الموسمية تُسهم في جلب كميات ضخمة من الرواسب التي تعمل على طمر الأشجار الساقطة، وعزلها عن الأكسجين والمحلّلات العضوية، مما يمنع تحللها الطبيعي.

ومع مرور الوقت، تبدأ المياه الجوفية المشبعة بالسيليكا والكالسيت وعناصر معدنية أخرى بالتغلغل داخل خلايا الأشجار، فتذيب المواد العضوية تدريجيًا وتستبدلها بالمعادن، محافظة بذلك على الشكل العام للجذوع والألياف بدقة مذهلة.

وعلى الرغم من أن هذه البيئة الصحراوية المكشوفة توحي بجفاف وغياب الحياة، إلا أن ما يكشفه "حزم أبو رويس" من أسرار جيولوجية يجعل من هذا الموقع نافذة فريدة لفهم تحولات المناخ والبيئة عبر العصور.

كما يعكس أهمية المنطقة كموقع تراث طبيعي يستحق الاهتمام والدراسة والحماية، خاصة مع ما يثيره من فضول علمي وسياحي متزايد.

ويأمل كثير من المتابعين أن تحظى مثل هذه المواقع بمزيد من الاهتمام الرسمي والتعريفي، حتى تكون جزءًا من خارطة السياحة الجيولوجية في المملكة، التي تزخر بعدد من الكنوز الطبيعية التي لا تزال تنتظر من يكتشفها ويقدمها للعالم.

الأخبار الجديدة
آخر الاخبار