في خضم أحداث الميركاتو الصيفي الساخن الذي تعيشه الأندية السعودية، أثار انسحاب نادي النصر من صفقة التعاقد مع المدافع الهولندي دافيد هانكو موجة واسعة من النقاشات والتعليقات، حيث تحوّلت القضية من مجرد انسحاب فني إلى جدل إعلامي، بعد أن عبّر الإعلامي محمد الدويش عن رأيه في الموقف عبر حسابه الشخصي بمنصة "إكس"، مؤكدًا أن ما جرى لا يُعد فضيحة أو إخفاقًا كما يحاول البعض تصويره.
واعتبر الدويش في تغريدته أن التراجع عن التعاقد مع لاعب، حتى بعد وصوله إلى معسكر الفريق، أمر وارد وطبيعي في كرة القدم، مشيرًا إلى أن أندية عالمية بحجم ريال مدريد وبرشلونة وتشيلسي سبق أن اتخذت خطوات مماثلة دون أن تُتهم بالإخفاق، موضحًا أنه ما دام لم يتم التوقيع الرسمي فإن التراجع يعد حقًا متاحًا.
إقرأ ايضاً:
تدشين معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي بعسير يعزز ثقافة الابتكار بين الطلابأكاديمية الخليج للطيران تحصل على ختم الجودة الذهبي لتميزها في التدريب الجوي والابتكار التعليميوأضاف الدويش أن هناك من يسعى لتضخيم القصة، ومحاولة تحويلها إلى أزمة، رغم أن الميركاتو بطبيعته يشهد الكثير من التغييرات اللحظية والقرارات التي قد تتبدل في آخر لحظة، مشددًا على أن الحديث عن فضائح في هذا السياق لا يستند إلى منطق رياضي سليم، بل إلى رغبة في الإثارة أو المنافسة الإعلامية.
وجاء تعليق الدويش بعد أيام قليلة من الجدل الكبير الذي رافق قرار النصر بالانسحاب من صفقة هانكو، رغم أن اللاعب كان قد وصل إلى معسكر الفريق تمهيدًا للتوقيع الرسمي، وهو ما دفع البعض إلى التساؤل عن الأسباب الحقيقية وراء هذا التراجع، بين من أرجعه إلى أسباب فنية، وآخرين أشاروا إلى خلافات مالية أو إدارية.
ويُعرف نادي النصر بسعيه الجاد لتدعيم صفوفه بعناصر عالمية خلال المواسم الأخيرة، خاصة بعد الطفرة الكبيرة التي شهدها الدوري السعودي بفضل انضمام عدد من نجوم العالم، واهتمام الأندية الكبرى بترسيخ مكانتها إقليميًا ودوليًا، في ظل الدعم الكبير الذي يحظى به القطاع الرياضي في المملكة.
ومع بدء استعدادات الفريق للموسم الجديد، فضّل الجهاز الفني بقيادة المدرب البرتغالي خورخي خيسوس إعادة تقييم بعض الخيارات، وهو ما يُعتقد أنه السبب الحقيقي وراء انسحاب النصر من صفقة المدافع الهولندي، الذي كان ضمن الأسماء المطروحة لتعزيز الخط الدفاعي.
وفي سياق متصل، أشار الدويش في تغريدته إلى موقف مشابه من نادي الهلال الذي طارد النجم النيجيري فيكتور أوسيمين لاعب نابولي الإيطالي، وقدم له أكثر من عرض مغرٍ، إلا أن اللاعب رفض الانتقال إلى دوري روشن، وهو ما لم يُنظر إليه باعتباره فشلًا، بل كمجرد مفاوضات لم تُكلل بالنجاح.
ويرى محللون رياضيون أن سوق الانتقالات لا يمكن قياسه بمقاييس تقليدية، لأن التغيرات فيه متسارعة، وقد تُحسم الصفقات في دقائق أو تُلغى بعد أشهر من التفاوض، مؤكدين أن انسحاب نادٍ من صفقة يجب ألا يُحمّل أكثر مما يحتمل، خاصة إذا تم قبل التوقيع الرسمي.
وتُعد صفقة دافيد هانكو واحدة من أبرز القصص التي شهدها ميركاتو الصيف السعودي حتى الآن، بسبب الزخم الإعلامي الذي رافقها، وتضارب الأنباء حول حيثيات انسحاب النصر، مما فتح الباب أمام الكثير من التحليلات التي تراوحت بين التأييد والانتقاد.
وبينما رأى البعض أن تراجع النصر يشير إلى ارتباك في سياسة التعاقدات، يرى آخرون أن ما حدث يعكس مرونة في القرار، وقدرة على تصحيح المسار في الوقت المناسب، خاصة أن الفريق لا يزال في طور بناء تشكيلة قادرة على المنافسة على جميع الأصعدة.
وفي ظل التنافس المحتدم بين الأندية السعودية الكبرى، تحرص إدارات الفرق على إحاطة مفاوضاتها بالسرية، لتجنب تسريب المعلومات أو التأثير على خططها، وهو ما قد يُفسر شح التفاصيل التي صدرت حول صفقة هانكو، واكتفاء النصر بإعلان التراجع دون الخوض في الأسباب التفصيلية.
ويُذكر أن النصر نجح هذا الصيف في التعاقد مع عدد من اللاعبين البارزين، كان أبرزهم النجم البرتغالي جواو فيليكس الذي انضم من نادي تشيلسي في صفقة قدرت بـ 52 مليون يورو، ما يشير إلى أن النادي لا يزال يسير بقوة في تنفيذ استراتيجيته رغم بعض التعديلات الطارئة.
وتضع هذه المستجدات جماهير الفريق أمام حالة من الترقب، بانتظار ما ستسفر عنه الأيام القادمة، وهل سيُعلن النادي عن بديل للصفقة الملغاة، خاصة أن الوقت لا يزال متاحًا لتدعيم الصفوف قبل انطلاق الموسم الرسمي، في ظل رغبة الإدارة في المنافسة على جميع البطولات.
ومن جهته، حافظ النصر على نهج إعلامي متحفظ تجاه ما أُثير حول صفقة هانكو، حيث لم تصدر أي تصريحات رسمية من مسؤولي النادي تشرح خلفيات القرار، وهو ما فتح المجال لتكهنات متعددة، عززها الاهتمام الجماهيري الكبير بفترة الانتقالات الحالية.
وتأتي هذه القصة في إطار أوسع من الحراك الكبير الذي يشهده الميركاتو السعودي، حيث تتنافس الأندية على استقطاب أفضل الأسماء العالمية، مدفوعة بطموحات غير مسبوقة للارتقاء بالدوري السعودي إلى مصاف الدوريات الكبرى، فنيًا وجماهيريًا وتسويقيًا.
وبغض النظر عن نتائج التعاقدات، يبقى المعيار الأهم هو الانسجام الفني داخل الفريق، والقدرة على استثمار الأسماء المتاحة بأفضل شكل ممكن، وهو ما يبدو أن النصر يسعى لتحقيقه من خلال مرونة في الاختيارات وقرارات متجددة وفقاً للمعطيات الفنية.