أكد رئيس الجمعية الفلكية بجدة المهندس ماجد أبو زاهرة أن كوكب الأرض يمر حاليًا بمرحلة غير معتادة من التسارع في دورانه حول محوره، ما أدى إلى تسجيل مجموعة من أقصر الأيام في التاريخ الحديث، وذلك دون أن يكون لهذا التغير تأثير ملموس على حياة البشر اليومية.
وأوضح أن الأرض، التي تدور عادة حول محورها خلال 24 ساعة، وهو ما يعادل 86,400 ثانية، بدأت منذ عام 2020 تسجل أيامًا أقصر بقيم صغيرة للغاية تُقاس بأجزاء من الألف من الثانية، وهو ما تم رصده بدقة بالغة من خلال الساعات الذرية التي تستخدم في قياس الزمن بأعلى درجات الدقة العلمية الممكنة.
إقرأ ايضاً:
التعليم توجه ضربة غير متوقعة .. تفاصيل البث الدراسي الذي يغيّر روتين الطلاب"شركة هارمان" تكشف عن "سماعات لاسلكية جديدة".. تعرف على السر وراء جودة الصوت الفائقة!"شركة Ugreen" تطلق "باوربنك صغير مدهش".. لن تصدق قوة الشحن التي يحملها!شركة مونشوت تكشف عن نموذج K2 Thinking.. صدمة لعالم الذكاء الاصطناعيتحذير طبي جديد.. 5 أطعمة شائعة لا تخلطها مع البيض أبدًا وإلا ستدفع الثمن!نجم سعودي يلفت أنظار رينارد والهلال معًا.. خطوة مفاجئة تغيّر مسار مسيرته!وأضاف أن أقصر يوم سُجل حتى الآن وقع بتاريخ 5 يوليو 2024، حيث كان أقصر من اليوم القياسي بـ1.66 مللي ثانية، وهو ما يُعد تغيرًا طفيفًا لا يشعر به الإنسان بشكل مباشر، لكنه ذو دلالات علمية مهمة.
وأشار إلى أن التوقعات تشير إلى أن صيف عام 2025 سيشهد تسجيل ثلاثة من أقصر أيام السنة، وربما بعض أقصر الأيام في العصر الحديث، ما يعكس استمرارية هذه الظاهرة وتطورها.
وأوضح أن هذه البيانات تعتمد على الحسابات الدقيقة التي تنفذها مؤسسات دولية مثل "الخدمة الدولية لدوران الأرض والمراجع"، والتي تراقب الفرق بين الزمن الفلكي المعروف بـ(UT1) والزمن الذري المعروف بـ(TAI).
ومن خلال هذه الفروقات، يتم رصد تغيرات سرعة دوران الأرض التي تنعكس بدقة على توقيتات اليوم، ويتم التحقق منها بشكل دوري للحفاظ على توازن الأنظمة الزمنية العالمية.
أما عن الأسباب المحتملة وراء هذا التسارع، فقد بيّن المهندس أبو زاهرة أن العلماء لم يتوصلوا بعد إلى تفسير قطعي، إلا أن هناك عدة نظريات قيد الدراسة، أبرزها التغيرات في حركة نواة الأرض السائلة.
وإعادة توزيع الكتلة نتيجة ذوبان الجليد القطبي، بالإضافة إلى تأثير الزلازل الكبرى التي قد تُغيّر توزيع الكتلة داخل الأرض، وكذلك تأثير القمر وحركة المد والجزر التي تُحدث بدورها توازنات ديناميكية مستمرة في النظام الأرضي.
وأشار إلى أن هذه التغيرات، وإن لم يشعر بها الإنسان في حياته اليومية، فإن لها آثارًا ملموسة على بعض الأنظمة التقنية الدقيقة، لا سيما أنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية (GPS)، وأنظمة الاتصالات، والخوادم البنكية، وكذلك التوقيتات الدقيقة التي تعتمد عليها مراكز البث والأبحاث والمرافق الحساسة حول العالم.
وأكد أنه في حال استمرار تسارع دوران الأرض بهذا النمط، قد تضطر الجهات المعنية إلى اتخاذ إجراء غير مسبوق يتمثل في إدخال ما يُعرف بـ"الثانية السالبة"، وهي خطوة تتمثل في حذف ثانية واحدة من التوقيت العالمي المنسق (UTC)، بهدف إعادة التوازن بين الوقت الفلكي والزمن الذري.
ولفت إلى أن جميع التعديلات السابقة على التوقيت العالمي كانت تُجرى بإضافة ثوانٍ كبيسة موجبة، لكن لم يحدث من قبل أن تم حذف ثانية، وهو ما يُتوقع حدوثه للمرة الأولى بحلول عام 2029، إذا استمرت المؤشرات الحالية كما هي.
واختتم المهندس ماجد أبو زاهرة حديثه بالتأكيد على أن هذه الظاهرة، رغم كونها غير محسوسة من قبل الإنسان، تُعد تذكيرًا بمدى تعقيد وديناميكية كوكب الأرض، وبأن حركته ليست ثابتة كما يُعتقد، بل إن الأرض تعمل كآلة كونية دقيقة تتفاعل باستمرار مع العوامل الطبيعية الداخلية والخارجية، ما يجعلها محط دراسة ودهشة دائمة للعلماء في كل زمان.