في تطور غير مسبوق يمزج بين علم الأعصاب والتكنولوجيا الحيوية تمكن علماء صينيون من تحويل نحل حي إلى روبوتات متحركة يمكن التحكم بها عن بعد من خلال جهاز دقيق يتم توصيله مباشرة بدماغ الحشرة باستخدام أدوات متناهية الصغر.
التجربة أجراها فريق من معهد بكين للتكنولوجيا وتمكن خلالها العلماء من تحفيز النحل للتحرك باتجاهات معينة عبر إشارات كهربائية منخفضة الجهد يرسلها جهاز تحكم لا يتعدى وزنه 74 ميليغرامًا ليكون بذلك أخف وحدة عصبية توصلت إليها الأبحاث حتى الآن.
إقرأ ايضاً:
التأمينات تطلق توضيحًا عاجلًا .. هذا الإجراء يمنحك ميزة إضافية دون أن تنتبهشركة مونشوت تكشف عن نموذج K2 Thinking.. صدمة لعالم الذكاء الاصطناعي"إيلون ماسك" يكشف عن أوبتيموس.. الروبوت الذي سيغير العالمآبل تكشف أسرار "iPhone 18 Air".. كاميرا مزدوجة وأداء يفوق التوقعاتتحذير طبي جديد.. 5 أطعمة شائعة لا تخلطها مع البيض أبدًا وإلا ستدفع الثمن!نجم سعودي يلفت أنظار رينارد والهلال معًا.. خطوة مفاجئة تغيّر مسار مسيرته!الفريق استخدم أداة تحكم صغيرة يتم تثبيتها على ظهر النحلة وتتصل مباشرة بدماغها من خلال ثلاث إبر دقيقة تستهدف الجهاز العصبي وتبعث إشارات تنقل أوامر الحركة لتستجيب لها النحلة بنسبة دقة وصلت إلى تسعين بالمئة خلال التجارب.
تتحرك النحلة بناء على الأوامر الصادرة من الباحثين سواء كان الأمر بالاتجاه يمينًا أو يسارًا أو التقدم للأمام أو التراجع وكل ذلك يتم في لحظات استجابة سريعة تعكس دقة الربط بين الجهاز ودماغ الحشرة.
يُعد النحل من الحشرات ذات الكفاءة العالية في الطيران نظرًا لقدرتها على حمل أوزان تصل إلى ثمانين بالمئة من وزنها لذلك فإن جهاز التحكم المصغر الذي استخدم في التجربة لا يشكل عبئًا إضافيًا عليها أثناء الطيران.
وأكد البروفيسور تشاو جيليانغ المشرف على الدراسة أن النحل الآلي يمثل نقلة نوعية في عالم الروبوتات الحيوية لما يتمتع به من قدرة فائقة على التمويه والمرونة البيئية وهي خصائص لا تتوفر في الآلات التقليدية.
وذكر في ورقته البحثية أن هذه التكنولوجيا قد تُستخدم مستقبلاً في تنفيذ مهام معقدة مثل العمليات العسكرية داخل المناطق الحضرية أو مكافحة الإرهاب والمخدرات أو حتى في عمليات البحث والإنقاذ أثناء الكوارث الطبيعية.
إمكانية تسخير هذه التقنية في مجالات الإغاثة قد تفتح آفاقًا جديدة للوصول إلى أماكن يصعب على البشر أو المعدات العادية دخولها خاصة في البيئات المدمرة أو ذات الطبيعة الجغرافية القاسية التي تعيق الحركة البشرية.
ورغم هذا التقدم يبقى التحدي الأكبر هو مسألة الطاقة حيث لا تزال النحلة بحاجة إلى التوصيل بمصدر كهربائي عبر أسلاك خارجية لأن البطاريات المتوفرة حاليًا لا تزال ثقيلة نسبيًا مقارنة بقدرة النحلة على التحمل.
يعمل العلماء الآن على تطوير بطاريات أخف وزنًا أو إيجاد آليات بديلة لتوليد الطاقة بشكل مصغر ومستمر مما يتيح للنحل الروبوتي التحليق بحرية دون الاعتماد على أي أسلاك وهو ما يُعد خطوة حاسمة نحو الاستخدام العملي.
كما يأمل الفريق في تعزيز خصائص الاستقلالية لدى هذه الكائنات المعدلة بحيث تكون قادرة على اتخاذ قرارات ميدانية بسيطة بشكل ذاتي اعتمادًا على البيئة المحيطة بها دون توجيه لحظي من الإنسان.
وتشير التقديرات إلى أن هذه التقنية قد تتحول خلال السنوات القادمة إلى منظومة مراقبة متقدمة تعمل بصمت ودقة في مجالات متنوعة قد تبدأ بالاستخدام العسكري لكنها سرعان ما تمتد إلى مجالات مدنية وتجارية.
ورغم الإعجاب الذي أثاره هذا الابتكار إلا أن بعض الأصوات عبّرت عن قلقها تجاه الأثر الأخلاقي لهذا التقدم إذ يرى البعض أن تحويل كائن طبيعي إلى أداة مراقبة هو تجاوز لحدود الطبيعة وتدخل غير مسبوق في الكائنات الحية.
يثير هذا الجدل أسئلة أعمق حول مستقبل العلاقة بين الإنسان والطبيعة في ظل سباق تقني لا يعرف حدودًا وهل نحن مستعدون فعلاً لعالم تصبح فيه الحشرات أدوات ذكية تتحرك بأوامر رقمية في واقع يومي معقّد.
الزمن وحده كفيل بالإجابة على هذه التساؤلات لكن ما لا يمكن إنكاره أن النحل الروبوتي أصبح اليوم حقيقة علمية وواحدة من أبرز ملامح مستقبل نعيشه بالفعل وإن لم نُدرك بعد أبعاده الكاملة.