انسحاب الهلال يُفجر أزمة كروية .. ووزارة الرياضة تكسر الصمت برد حاسم

تتواصل تداعيات قرار نادي الهلال المفاجئ بالانسحاب من بطولة كأس السوبر السعودي، في خطوة أثارت جدلًا واسعًا داخل الأوساط الرياضية، وخلقت حالة من التوتر على مستوى التنظيم الرسمي للبطولة التي كان من المقرر أن تُقام في مدينة هونغ كونغ خلال شهر أغسطس المقبل، وسط مشاركة فرق محلية كبرى وعلى رأسها النصر والقادسية.

وكانت إدارة نادي الهلال قد تقدمت في وقت سابق بخطاب رسمي إلى الاتحاد السعودي لكرة القدم تعتذر فيه عن خوض منافسات البطولة، مبررة قرارها بما وصفته بـ"الإرهاق البدني والذهني" الذي أصاب لاعبي الفريق بعد مشاركتهم الأخيرة في بطولة كأس العالم للأندية التي أُقيمت في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي البطولة التي أنهكت كتيبة المدرب، بحسب البيان الهلالي.

إقرأ ايضاً:

وهذا التطور غير المتوقع أربك حسابات المنظمين، خصوصًا أن البطولة باتت على بعد أسابيع قليلة من انطلاقتها، في ظل ترتيبات لوجستية وتنظيمية واسعة شملت التنقلات والإقامة والرعاية الإعلامية، ما دفع البعض إلى التكهن بأن هناك أطرافًا تحاول التدخل لإعادة الهلال إلى طاولة المشاركة مرة أخرى.

وتلك التكهنات تصاعدت بعد تداول تقارير إعلامية تشير إلى تدخل محتمل من وزارة الرياضة السعودية في محاولة لإقناع إدارة الهلال بالعدول عن قرارها، وهو ما أثار جدلًا إضافيًا حول حدود الصلاحيات التنظيمية بين الجهات الرسمية والاتحاد الرياضي المسؤول عن إدارة المسابقة.

ولكن وزارة الرياضة قطعت هذا الجدل سريعًا، عبر تصريحات حاسمة من المتحدث الرسمي باسمها، والذي أكد في مداخلة عبر إحدى القنوات الإخبارية أن الوزارة لم تتدخل بأي شكل في مسألة مشاركة الهلال من عدمها، موضحًا أن القضية تخضع فقط لأنظمة ولوائح الاتحاد السعودي لكرة القدم، وأن الوزارة تلتزم بدورها التنظيمي بعيدًا عن تفاصيل تتعلق بمشاركة الأندية.

وتصريح المتحدث الرسمي جاء ليحسم الرواية المتداولة بشأن وجود ضغوط أو محاولات لإجبار الهلال على المشاركة، وهو ما أكدته مصادر قريبة من الوزارة، التي شددت على التزامها بالحياد التام في كل ما يخص إدارة المسابقات، باعتبار أن ذلك من اختصاص الاتحاد المعني والجهات المشرفة على تنظيم البطولات.

وكان من المقرر أن يواجه الهلال فريق القادسية في نصف نهائي السوبر يوم 20 أغسطس المقبل، في مباراة جماهيرية ينتظرها المتابعون كونها تمثل اختبارًا مهمًا لمستوى الفرق السعودية على الساحة الخارجية، كما أنها تُعد فرصة تسويقية للكرة السعودية في سوق آسيا، من خلال تنظيمها خارج المملكة لأول مرة.

ويُعد انسحاب الهلال من هذه النسخة أمرًا غير مسبوق في تاريخ البطولة، إذ أنه واحد من أكثر الأندية تتويجًا بها، ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول مدى قدرة اتحاد القدم على التعامل مع الموقف، خصوصًا مع اقتراب موعد انطلاق البطولة، وضيق الوقت المتاح لترتيب بديل أو تعديل جدول المواجهات.

ومن جانبه، لم يصدر حتى الآن أي رد رسمي جديد من إدارة نادي الهلال بشأن موقفها بعد التصريحات الأخيرة من وزارة الرياضة، فيما يواصل الاتحاد السعودي لكرة القدم النظر في خطاب الاعتذار المقدم من النادي، وذلك من خلال لجانه المختصة التي تراجع حيثيات القرار، ومدى توافقه مع اللوائح المعمول بها في مثل هذه الحالات.

ويرى مراقبون أن قرار الهلال قد يفتح بابًا واسعًا أمام نقاشات حول ضغط المباريات وتداخل البطولات، خصوصًا في ظل مشاركة الأندية الكبرى في أكثر من بطولة دولية ومحلية خلال فترات زمنية قصيرة، مما يضع الجهازين الفني والإداري تحت ضغط متواصل، وينعكس سلبًا على أداء اللاعبين.

ويُشار إلى أن البطولة الحالية للسوبر تمثل نسخة خاصة، حيث تُقام للمرة الأولى خارج أراضي المملكة، في خطوة تهدف إلى تسويق الكرة السعودية دوليًا، وجذب جماهير جديدة من قارة آسيا، وهي الاستراتيجية التي تعتمد عليها وزارة الرياضة والاتحاد السعودي ضمن رؤية التطوير الرياضي الشاملة للمملكة.

وتسود حالة من الترقب الشديد لدى الشارع الرياضي السعودي لمعرفة الخطوة التالية من الاتحاد السعودي، وما إذا كان سيوافق على انسحاب الهلال دون عقوبات، أو سيلجأ لتطبيق لائحة الانضباط التي قد تتضمن غرامات أو عقوبات إدارية بحق النادي في حال تبيّن وجود إخلال باللوائح.

ويُتوقع أن تشهد الأيام القادمة اجتماعات مكثفة داخل الاتحاد السعودي لكرة القدم لتحديد موقف رسمي واضح من هذه الأزمة، وسط دعوات من الجماهير إلى ضرورة الشفافية في التعامل مع الأحداث، وتوضيح كافة التفاصيل المتعلقة بانسحاب نادٍ بحجم الهلال من بطولة رسمية بهذه القيمة.

ويأتي هذا الحدث ليضيف طبقة جديدة من التعقيد في استعدادات الفرق السعودية للموسم الجديد، حيث تُراهن الجماهير على ظهور قوي للفرق الكبرى في مختلف البطولات، بما يعكس الطفرة النوعية التي شهدتها الكرة السعودية في السنوات الأخيرة، بعد استقطاب عدد من أبرز نجوم العالم.

وتعالت أصوات داخل الوسط الرياضي تطالب بضرورة مراجعة روزنامة الموسم الكروي، ووضع فترات راحة مناسبة بين البطولات الكبرى، بما يضمن تجنب مثل هذه الانسحابات مستقبلاً، خصوصًا إذا كانت مبرراتها صحية وبدنية، وهو ما قد يشكل عامل تهديد على حضور الفرق الكبرى في المواسم المقبلة.

ورغم الجدل المثار، إلا أن البطولة ما تزال قائمة في موعدها المقرر، وسط محاولات لتعديل الجدول إذا اقتضى الأمر، في انتظار الحسم الرسمي من قبل الاتحاد السعودي، الذي بات مطالبًا بإدارة الأزمة بحنكة لتفادي الإضرار بصورة المسابقة والتجربة التسويقية الأولى لها خارج المملكة.

ولا تزال جماهير الهلال منقسمة بين مؤيد لقرار الإدارة بالحفاظ على اللاعبين وتجنيبهم الإرهاق في بداية موسم طويل، وبين معارض يرى أن المشاركة في السوبر تمثل شرفًا رياضيًا وفرصة لرفع اسم النادي في محفل دولي مهم، ولا يجب التفريط بها تحت أي ظرف.