أكد أخصائي علم النفس عبد الله دربا أن الشخص الهادئ غالبًا ما يواجه صراعات خفية داخل ذاته أو ضمن محيطه الاجتماعي نتيجة طبيعته المسالمة التي تجعله عرضة للضغط والتجاوزات من الآخرين في البيئات التي تفتقر إلى التوازن النفسي.
وأوضح دربا خلال مداخلة إذاعية عبر أثير «العربية إف إم» أن طبيعة الشخصية الهادئة لا تعني بالضرورة ضعفًا في التكوين النفسي بل تعكس غالبًا خلفية تربوية متزنة ومبنية على أسس سليمة من القيم والوعي الداخلي لكنها تتعرض لاحقًا لعوامل خارجية تهز هذا الاستقرار.
إقرأ ايضاً:
"الإدارة العامة للمرور" توجه صدمة لـلآباء والأمهات.. هذا هو الخطر المزدوج الذي يهدد أطفالك بسبب العبور الخاطئ"شركة هارمان" تكشف عن "سماعات لاسلكية جديدة".. تعرف على السر وراء جودة الصوت الفائقة!"شركة Ugreen" تطلق "باوربنك صغير مدهش".. لن تصدق قوة الشحن التي يحملها!شركة مونشوت تكشف عن نموذج K2 Thinking.. صدمة لعالم الذكاء الاصطناعيتحذير طبي جديد.. 5 أطعمة شائعة لا تخلطها مع البيض أبدًا وإلا ستدفع الثمن!نجم سعودي يلفت أنظار رينارد والهلال معًا.. خطوة مفاجئة تغيّر مسار مسيرته!وأشار إلى أن أغلب الحالات التي تصل إلى عيادات العلاج النفسي ليست بالضرورة من الفئات التي تعاني من اضطرابات حادة بل غالبًا ما تكون من الأشخاص الذين يتمتعون ببنية نفسية صحية لكنها تصطدم بمواقف قاسية أو علاقات سامة.
وبيّن أن التجارب المرصودة خلال السنوات الأخيرة أظهرت تكرارًا لنمط واضح يتكرر في كثير من الحالات التي تتم مراجعتها وتتراوح أعمار أصحابها بين الثلاثين والأربعين وهي الفئة التي تبدأ فيها التحديات الاجتماعية والعملية بالتزايد.
وأضاف أن الطفولة الجيدة وحدها لا تكفي لضمان استقرار نفسي دائم فمهما كان البناء التربوي متينًا فإن الضغوط التي يتعرض لها الفرد في مراحل متقدمة من حياته قد تترك آثارًا عميقة على استقراره الداخلي.
وذكر دربا أن الشخص الطيب الذي تم تربيته على المبادئ والقيم يجد نفسه في كثير من الأحيان عاجزًا عن مواجهة الشخصيات النرجسية التي تسعى للهيمنة والسيطرة مستخدمة أساليب نفسية غير مباشرة للتلاعب والتأثير.
وأوضح أن العلاقة بين الشخصية الطيبة والنرجسية تكون في كثير من الحالات علاقة استنزاف نفسي حيث يجد الشخص المتزن نفسه مفرغًا عاطفيًا بسبب محاولاته المستمرة للحفاظ على التوازن وتجنب الصدام.
ولفت إلى أن هذه الصدمات المتكررة التي يتعرض لها الشخص الطيب قد تقوده إلى الوقوع في فخ الشخصنة أي تحويل المواقف العامة إلى هجمات شخصية مما يؤدي إلى شعور دائم بالخذلان والتوتر الداخلي.
وأشار إلى أن التعميم يعد من أبرز الأعراض الناتجة عن هذا النوع من الصدمات حيث يبدأ الشخص برؤية الآخرين جميعًا من خلال عدسة التجربة المؤلمة التي مر بها مما يسبب له صعوبة في بناء علاقات جديدة.
وأكد أن الشخص المتزن نفسيًا غالبًا ما يكون هدفًا مفضلًا للشخصيات السامة التي تفتقر للوعي الذاتي وتحاول إلقاء أعبائها الداخلية على من حولها من خلال بث الشكوك أو التشكيك في القيم والمبادئ.
وأوضح أن أحد أكبر التحديات التي تواجه أصحاب التوازن النفسي هي قدرتهم على التكيف دون التنازل عن قيمهم وهي معادلة صعبة تحتاج إلى وعي متجدد ودعم مستمر من المحيط القريب والمهنيين النفسيين.
وأشار إلى أن مقاومة الأذى النفسي في مثل هذه الحالات لا يكون بالصدام المباشر دائمًا بل بالابتعاد الواعي ووضع الحدود النفسية التي تضمن الحماية دون الانجرار لصراعات تستنزف الطاقة والصفاء.
وبيّن أن التربية المتوازنة تمنح الشخص أسسًا قوية لكنها لا تمنعه من التأثر بالبيئة لذلك فإن الحفاظ على الصحة النفسية يتطلب مراجعة دورية وتقييم مستمر للعلاقات وتأثيرها على النفس.
وشدد على أن بناء وعي نفسي عميق هو الخطوة الأولى للحماية الذاتية من الانجراف وراء العلاقات الضارة وأن طلب المساعدة المهنية في الوقت المناسب قد يكون الفارق بين التوازن والانهيار.
واختتم بأن الشخص المسالم ليس ضعيفًا كما يظنه البعض بل هو غالبًا الأقوى من الداخل لأنه يختار أن لا يؤذي رغم قدرته على الرد لكنه يحتاج إلى أدوات نفسية تدعمه ليستمر في اتزانه دون أن يصبح ضحية.