"صقر".. طائرة درون سعودية تحلّق بالإطفاء والإنقاذ إلى آفاق جديدة

في مشهد يعكس تطور تقنيات السلامة في المملكة العربية السعودية، كشفت قوات الدفاع المدني خلال موسم الحج عن أحدث إضافاتها التقنية، وهي طائرة الدرون الجديدة "صقر"، المصممة خصيصاً لأداء مهام الإطفاء والإنقاذ في المواقع المرتفعة والأماكن التي يصعب الوصول إليها، ويأتي ذلك ضمن منظومة متكاملة تهدف إلى تعزيز كفاءة الاستجابة في حالات الطوارئ، لا سيما في مواسم الحج التي تتطلب استعدادات استثنائية وإجراءات فورية للتعامل مع أي حادث محتمل.

طائرة "صقر" تمثل نقلة نوعية في مجال الطوارئ، حيث صممت للتعامل مع سيناريوهات حرجة تشمل المباني العالية، والمناطق ذات الكثافة البشرية المرتفعة، ومواقع حوادث المواد الخطرة، فضلاً عن حرائق الغابات التي يصعب الوصول إلى مواقعها بالوسائل التقليدية، وبفضل قدراتها التقنية المتقدمة، تسهم الطائرة في تقليص زمن الاستجابة ورفع كفاءة التدخل الأولي، وهو ما يعد عاملاً حاسماً في تقليل الأضرار وإنقاذ الأرواح.

إقرأ ايضاً:

وتستطيع "صقر" التحليق على ارتفاعات كبيرة ولمدة تصل إلى 12 ساعة متواصلة، ما يمنحها مرونة وفعالية في تغطية مناطق واسعة أو التعامل مع حوادث تستغرق وقتاً طويلاً للسيطرة عليها، وتعمل الطائرة بنظام إطفاء متعدد الأغراض، مزود بأنظمة ذكية للتحكم والسلامة، وكاميرات حرارية تتيح الرؤية الليلية ورصد مواقع الحريق بدقة عالية حتى في ظروف الرؤية المنعدمة.

واحدة من أبرز مزايا الطائرة هي قدرتها على بث الفيديو الحي بشكل مباشر من موقع الحادث، مع إمكانية الربط الكامل بمركز القيادة والتحكم، وهذا يتيح للقيادات الميدانية اتخاذ قرارات فورية بناءً على صورة دقيقة للموقف، ما يرفع من مستوى التنسيق بين الفرق الميدانية ومراكز العمليات، وتُعد خاصية البث المباشر عاملاً جوهرياً في الحوادث الكبرى حيث يتطلب الأمر استجابة سريعة ومبنية على معلومات آنية.

تعتمد "صقر" أيضاً على الذكاء الاصطناعي في تشغيلها، حيث تم تزويدها بكاميرا متقدمة ونظام لتحديد المدى باستخدام أشعة الليزر، ما يعزز من دقة التعامل مع النقاط الحرجة خلال العمليات، وتُسهم هذه التقنية في تحديد مواقع الحريق بدقة، وتوجيه عمليات الإطفاء بشكل مركّز لتفادي إهدار الموارد وضمان نتائج سريعة.

من حيث القدرات الميدانية، تستطيع الطائرة التحليق حتى ارتفاع 200 متر، كما يمكنها ضخ المياه أو مادة الإطفاء الرغوية بمعدل يصل إلى 65 لتراً في الدقيقة، وبضغط عالٍ يبلغ 80 بار، مما يجعلها قادرة على الوصول إلى بؤر النيران في الأماكن المرتفعة بكفاءة عالية، وتبلغ حمولتها الصافية 40 كيلوغراماً، ما يسمح بحمل تجهيزات مختلفة بحسب طبيعة المهمة، سواء كانت مواد إطفاء أو أدوات إنقاذ.

وقال المتحدث الرسمي باسم الدفاع المدني السعودي، محمد الحمادي، إن نجاح الإدارة المثالية للحوادث لا يقوم فقط على كفاءة الكوادر البشرية، بل يعتمد أيضاً على عامل الزمن، مؤكداً أن الوصول السريع إلى موقع الحدث هو الأساس في أي استجابة فعالة، وشدد الحمادي على أن الدفاع المدني السعودي يولي أهمية كبيرة لاعتماد أحدث التقنيات، من أجل رفع مستوى الجاهزية وتقليل الخسائر في أرواح وممتلكات الناس.

وأضاف الحمادي أن إدخال طائرة "صقر" إلى الخدمة يأتي في إطار خطة متكاملة للدفاع المدني، تهدف إلى تطوير أساليب الاستجابة الميدانية، خاصة في الظروف الاستثنائية التي يشهدها موسم الحج، وأشار إلى أن التحديات المتزايدة في إدارة الحشود تتطلب جاهزية عالية وتقنيات مبتكرة قادرة على التعامل مع مختلف السيناريوهات بسرعة ودقة.

هذه الخطوة تعكس رؤية المملكة الطموحة في استثمار الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة لخدمة الإنسان أولاً، وخصوصاً في المواقع التي تجمع الملايين من البشر كما هو الحال في موسم الحج، وتؤكد "صقر" أن مستقبل السلامة العامة في السعودية يسير نحو مرحلة جديدة من التكامل بين الإنسان والتقنية، في سبيل حماية الأرواح وتعزيز الأمن في كل الظروف.