شهدت سوق العقارات في دبي تحولًا كبيرًا خلال الفترة الأخيرة، حيث ارتفعت استثمارات البريطانيين بنسبة 62% على أساس سنوي في الربع الثاني من عام 2025، لتضعهم في صدارة المشترين الأجانب لأول مرة منذ عام 2023. هذا التغير اللافت جعلهم يتفوقون على المستثمرين الهنود الذين احتلوا المرتبة الأولى لسنوات طويلة، مما يعكس جاذبية الإمارة كوجهة استثمارية عالمية للأثرياء الباحثين عن فرص عقارية متميزة

العوامل التي دفعت البريطانيين نحو دبي

يرجع هذا الارتفاع إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية والسياسية المؤثرة. أبرزها ضعف الدولار مقابل الجنيه الاسترليني، والذي وفر ميزة سعرية للمستثمرين البريطانيين عند شراء العقارات في الإمارات. إلى جانب ذلك، فإن ارتفاع معدلات الضرائب في بريطانيا دفع الكثير من الأثرياء إلى البحث عن وجهات أكثر جاذبية، مثل دبي التي توفر بيئة ضريبية مرنة وخدمات فاخرة، لتصبح منافسًا قويًا لمدن مثل موناكو وسويسرا. كما ساهمت التوترات الاقتصادية والرسوم الجمركية السابقة في توجيه رؤوس الأموال نحو أسواق أكثر استقرارًا مثل السوق الإماراتية

استراتيجيات المطورين لجذب المستثمرين البريطانيين

لم يقتصر الأمر على عوامل اقتصادية فحسب، بل لعبت استراتيجيات المطورين الإماراتيين دورًا رئيسيًا في تعزيز هذا التوجه. فقد افتتحت شركات كبرى مكاتب مبيعات جديدة في لندن مثل "بن غاطي" و"دانوب" وانضمت إلى أسماء بارزة مثل "الدار" و"داماك" و"شوبا العقارية". كما تم تقديم خطط دفع مرنة وحوافز حصرية، بل وصل الأمر إلى إطلاق مشروعات تحمل علامات تجارية عالمية مثل تعاون "داماك" مع نادي تشيلسي الإنجليزي لتسويق مساكن فاخرة في دبي تستهدف بشكل مباشر شريحة الأثرياء البريطانيين

إقرأ ايضاً:

استثمار متبادل بين دبي ولندن

من اللافت أن العلاقة الاستثمارية بين دبي وبريطانيا تسير في الاتجاهين. فبينما تتدفق رؤوس الأموال البريطانية نحو دبي، تستثمر شركات إماراتية كبرى مثل "الدار" في السوق العقارية البريطانية من خلال مشاريع متنوعة عبر شركتها التابعة "لندن سكوير". كما ارتفعت نسبة المستثمرين الإماراتيين في لندن بشكل ملحوظ لتصل إلى 3% من إجمالي المشترين في 2025 مقارنة بـ0.6% فقط قبل عامين، وهو ما يعكس طبيعة التبادل المتوازن بين السوقين

إن تصدر البريطانيين للاستثمارات الأجنبية في دبي يمثل نقطة تحول استراتيجية في سوق العقارات، ويؤكد أن الإمارة لا تزال الوجهة الأكثر جاذبية بفضل بنيتها التحتية المتطورة، بيئتها الاقتصادية المرنة، وفرصها الاستثمارية المتنامية. كما أن استمرار الشراكات العقارية المتبادلة بين دبي ولندن يعزز من مكانة الإمارتين كوجهتين عالميتين للأثرياء والمستثمرين الباحثين عن استثمارات طويلة الأمد